والآخر يوم تاكلون فيه من نسككم) ، فخص اليومين بالنهى، وبقيت أيام التشريق مباحة، فأما قوله عليه السلام: (فإنها أيام أكل وشرب) فإنما يختص بذلك من لم يكن عليه صوم واجب، فعلى هذا تتفق الأحاديث، وفى إباحة صيامها للمتمتع حجة لمالك فيما ترجح قوله فيه فيمن يبتدئ صوم الظهار فى ذى القعدة، وقال: عسى أن يجزئه إن نسى أو غفل إذا أفطر يوم النحر وصام أيام التشريق، ثم وصل اليوم الذى أفطره، رجوت أن يجزئه، ويبتدئه أحب إلى، وإنما قال ذلك؛ لأن صوم المتمع صوم واجب، وإنما ينهى عن صيامها من ليس عليه صوم واجب، وقال غير واحد عن مالك: إن اليوم الرابع لم يختلف قوله فيه، ولا يصام تطوعًا، وقال ابن المنذر: مذهب ابن عمر فى صيام هذه الثلاثة الأيام من حين يحرم بالحج وآخرها يوم عرفة، وهذا معنى قول البخارى عن ابن عمر: (الصيام لمن تمتع بالعمرة إلى الحج إلى يوم عرفة) . قال ابن المنذر: وجماعة الفقهاء لا يختلفون فى جواز صيامها بعد الإجرام بالحج، إلا عطاء فإنه قال: إن صامهن حلالاً أجزأه، وهو قول أحمد بن حنبل، قال أبو بكر: لا يجب الصوم على المتمتع إلا بعد الإحرام، فمن صام قبل ذلك كان تطوعًا، ولا يجزئه عن فرضه، وفى قوله تعالى: (فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِى الْحَجِّ) [البقرة: 296] أبين البيان أنه لا يجزئه صيامها فى غير الحج، وهذا يرد أيضًا ما روى عن على والحسن وعطاء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015