وابن رواحة) فلو كان الفطر عزمة من الله تعالى، لم يتحمل النبى مشقة الصيام فى شدة الحر، وإنما أراد أن يسن لأمته ليقتدوا به، وقد روى على بن معبد، عن عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم بن مالك، عن طاوس، عن ابن عباس، قال: (إنما أراد النبى بالفطر فى السفر التيسير عليكم، فمن يسر عليه الصيام فليصم، ومن يسر عليه الفطر فليفطر) . فهذا ابن عباس لم يجعل إفطار النبى فى السفر بعد صيامه فيه ناسخًا للصوم فى السفر، ولكنه جعله على جهة التيسير.
/ 42 - فيه: جَابِرِ: كَانَ النبى (صلى الله عليه وسلم) فِى سَفَرٍ فَرَأَى رَجُلا قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: صَائِمٌ، فَقَالَ: (لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِى السَّفَرِ) . احتج محتج من أهل الظاهر بهذا الحديث، وقال: ما لم يكن من البر فهو من الإثم، فدل ذلك أن صوم رمضان لا يجزئ فى السفر. قال الطحاوى: قيل له هذا الحديث خرج لفظه على شخص معين، وهو رجل رآه رسول الله وهو صائم قد ظلل عليه، وهو يجود بنفسه فقال ذلك القول، ومعناه ليس البر أن يبلغ الإنسان بنفسه هذا المبلغ، والله قد رخص فى الفطر، والدليل على صحة هذا التأويل صوم رسول الله فى السفر فى شدة الحر، ولو كان إثمًا لكان رسول الله