الشرك) فجعل عمل الرياء لغيره، وجعل ما خلص من الرياء له تعالى، وقال آخرون: إنما خص الصوم بأن يكون هو الذى يتولى جزاءه، لأن الصوم لا يظهر من ابن آدم بلسان، ولا فعل فتكتبه الحفظة، إنما هو نية فى القلب، وإمساك عن المطعم والمشرب، فيقول: أنا أتولى جزاءه على ما أحب من التضعيف، وليس على كتاب كتب، وهذا القول ذكره أبو عبيد. قال الطبرى: والصواب عندى القول الأول، وأما معنى قوله: (وأنا أجزى به) ، فأنا المنفرد بجزائه على عمله ذلك لى بما لا يعلم كنه مبلغه غيرى، إذ كان غير الصيام من أعمال الطاعة قد علم غيرى بإعلامى إياه أن الحسنة فيها بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف. قال المؤلف: وقد روى يحيى بن بكير عن مالك فى هذا الحديث بعد قوله: (الحسنة بعشر أمثالها) ، فقال: (كل حسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فهو لى وأنا أجزى به) . فخص الصيام بالتضعيف على سبعمائة ضعف فى هذا الحديث، وقد نطق التنزيل بتضعيف النفقة فى سبيل الله أيضًا كتضعيف الصيام، فقال عز وجل: (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِى سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِى كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء) [البقرة: 261] وجاء فى ثواب الصبر مثل ذلك وأكثر، فقال تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) [الزمر: 10] فيحتمل والله أعلم أن تكون هاتان الآيتان نزلتا على النبى عليه السلام، بعد ما أعلمه الله