ذلك وإخراجه عن نفسه، واستدلوا بقوله: (على كل حر وعبد) وإلى هذا القول ذهب البخارى فى هذا الباب، والدليل للجماعة قول نافع: فكان ابن عمر يعطى عن الصغير والكبير حتى إن كان ليعطى عن بنَىَّ. فهذا يدل أن قوله (صلى الله عليه وسلم) : (على العبد) إنما معناه على سيد العبد، والخطاب للعبد، والمراد مالكه المحتمل لها عنه، لأن العبد لا يملك شيئًا، ألا ترى أن العبد لا تلزمه زكاة ماله، لأن ملكه غير مستقر، ونفقته واجبة على سيده، وإن كان له مال، فإذا أذن له سيده أن ينفق على نفسه من المال ويزكى زكاة الفطر جاز، لأنه يكون كأن سيده انتزع منه ذلك المقدار، و (على) بمعنى (عن) لغة مشهورة للعرب، قال القحيف: إذا رضيت علىَّ بنو قشير لعمر الله أعجبنى رضاها أى رضيت عنى، وقال أبو عبد الله بن أبى صفرة: لما فرضت على المملوك كان السيد الغارم عنه، لأنه عبد مملوك لا يقدر على شىء، فكذلك إذا جنى كان الغرم على سيده. واختلفوا فى إخراج صدقة الفطر عن العبد الكافر، فقال سعيد بن المسيب والحسن: لا يؤدى إلا عمن صام وصلى. وهو قول مالك، والشافعى، وأحمد، وأبى ثور، وحجتهم قوله فى حديث ابن عمر: (من المسلمين) فدل أن الكفار بخلاف ذلك. وقال آخرون: يجب على السيد أن يخرج عن عبده الكافر، هذا قول عطاء، ومجاهد، والنخعى، وسعيد بن جبير، وعمر بن عبد العزيز، وبه قال الثورى، وسائر الكوفيين، وإسحاق، واحتج لهم الطحاوى بأن قوله (صلى الله عليه وسلم) : (من المسلمين) خطاب متوجه معناه إلى السادة،