موتى فى القبور، ولم يرد بالموتى الذين ضربهم مثلاً للجهال شهداء بدر، فيحتج علينا بهم، أولئك أحياء كما نطق التنزيل. وقال أبو عثمان بن الحداد: وليس فى قوله تعالى: (لا يذقون فيها الموت إلا الموتة الأولى) [الدخان: 56] ما يعارض ما ثبت من عذاب القبر، فقال: (ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون) [آل عمران: 169] الآية، فلما كانت حياة الشهداء قبل محشرهم ليست برادة، لقوله تعالى: (لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى) [الدخان: 56] ومن أنكر حياة الشهداء بعد موتهم قبل محشر الناس، وادعى أن قوله تعالى: (أحياء عند ربهم يرزقون) [آل عمران: 169] يوم القيامة أبطل ما اقتضاه قوله: (ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم) [آل عمران: 169] لأن الشهداء وغيرهم من جميع الناس يتوافون يوم القيامة، ويستحيل فيمن وافاه غيره أن يقال فى الذى وافاه أنه سيلحقه، ويقال فيه بأنه خلفه. قال غيره: والأخبار فى عذاب القبر صحيحة متواترة لا يصح عليها التواطؤ، وإن لم يصح مثلها لم يصح شىء من أمر الدين. واختلف أهل التأويل فى قوله تعالى: (سنعذبهم مرتين) [التوبة: 101] ، قال الحسن، وابن جريج: عذاب الدنيا وعذاب القبر، وقال مجاهد: القتل والسباء، وأما قوله: (فاليوم تجزون عذاب الهون) [الأحقاف: 20] فى الآخرة. وقال غيره: لما بعثوا وصاروا إلى النار قالت الملائكة: اليوم تجزون عذاب الهون، قال: الهوان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015