طيب من أين يا ابن الصلاح أخذت أو نقلت عن أحمد ويعقوب بن شيبه أنهما فرقاء بين أن وعن؟ قال: لأنهما قالا في حديث عن محمد بن الحنفية عن عمار بن ياسر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قالوا: متصل هذا، وقال عن رواية أخرى عن محمد بن الحنفية أن عماراً مر به النبي -صلى الله عليه وسلم- قالوا: منقطع قالوا وسبب الانقطاع عند هؤلاء اختلاف الصيغة، ما في شيء ملحوظ أمامك إلا اختلاف الصيغة، لكن هل هذا هو السبب في التفريق بين الصيغتين؟ لا، هذا يدرك بالنظر، ابن الصلاح له يد في الحديث، وأقواله معتبرة في علم المصطلح، وهو ينظر في أقوال أهل العلم من المتقدمين النظرية وتطبيقاتهم العملية، ويجمع بين هذا وهذا، فهو نظر بين الأقوال النظرية والتطبيق العملي، لكن هل أدرك حقيقة الأمر الذي من أجله فرق هاذان الإمامان بين هاتين الصيغتين؟

يقول الحافظ العراقي: كذا له، ولم يصوب صوبه، -يعني ما أدرك المحك الحقيقي-، سبب الخلاف ما أدركه، سبب الاختلاف ما أدركه، لماذا؟ حكموا على عن بأنها متصلة، وعلى أن في هذا الحديث أنها منقطعة، في السند الأول محمد بن الحنفية أدرك عماراً لكنه لم يدرك النبي -عليه الصلاة والسلام- ما أدرك القصة، فحينما يقول: عن عمار فإنه يحكي القصة عن صاحبها فتكون متصلة، لكن في قوله محمد بن الحنفية أن عماراً مر به النبي -عليه الصلاة والسلام-، محمد بن الحنفية يتحدث عن قصة لم يشهدها، عن قصة لم يشهدها فتكون حينئذ منقطعة، لكن لو كانت الصيغة عن محمد بن الحنيفة أن عمار بن ياسر قال له أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر بي، ما يمكن ينتهي الإشكال، ما يكون هناك فرق بين أن وعن، فالفرق بينهما من حيث أن محمد بن الحنفية يحكي القصة عن صاحبها فتكون متصلة، وفي الإسناد الثاني يحكي قصة لم يشهدها، فهو في الصيغة الأولى من مسند عمار، وفي الصيغة الثانية من مسند محمد بن الحنفية فتكون مرسلة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015