وحصل للكرماني انتقادات للإمام البخاري ورد عليه من قبل من جاء بعده من الشراح، وكم ترك الأول للأخر؟ زى البخاري حينما يدخل حديث من أحاديث المسح على الخفين في أحاديث السجود، استخدم المسح على الخفين في حديث السجود على الأعضاء السبعة؛ ليبين أنه لا يلزم أن يباشر الأعضاء السبعة الأرض لا سيما الركبتين، الركبتان تباشران الأرض عند السجود، لا ما يمكن القدمان إذا كان عليهما خف ما يلزم؛ لأنه قال: ((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: الجبهة، والأنف)) تباشر، اليدان تباشر، لكن ماذا عن الركبتين والقدمين؟ الركبتان باعتبار أن الركبة عورة لا يجوز أن تباشر الأرض، وباعتبار أنه يجوز لبس الخف والمسح عليه خمسة أوقات يوم وليلة يجوز أن يستر، وما بقي يكشف إلا عند الحاجة؛ لأنهم يكرهون السجود على المتصل، يعني إذا أرد أن يسجد وضع شماغه وإلا وضع شيء متصل به طرف العمامة، وما أشبه ذلك. يكرهون هذا، إلا أن الكراهة عندهم تزول بالحاجة، ولذا ترى الأرض باردة شديدة البرودة أو حارة أو فيها رائحة لا يتحملها، فإنه يسجد على شي متصل به إذا لم يجد شيئاً منفصل؛ لأن النبي - عليه الصلاة والسلام - كان يسجد على الخمرة، واليدان كذلك الأصل أن تكشف لكن إذا وجد ما يستدعي السجود عليهما، عليه بالنسبة لهما للحرارة شديدة أو برودة شديدة تمنع الخشوع، مثل هذا من دقة نظر البخاري - رحمه الله تعالى - وإن انتقد بأنه كيف يجعل حديث من أحاديث المسح على الخفين بين أحديث السجود.
البخاري - رحمه الله تعالى - جمع الصحيح في ست عشرة سنة، وثبت عنه أنه ما وضع حديثاً إلا اغتسل وصلى ركعتين، وبعضهم يبالغ ويذكر أشياء بالنسبة للصحيح وأنه يقرأ في أوقات الشدائد، وأنه كذا وكذا إلى غير ذلك، لكن هذه القرآن أنزل للعمل، ولا شك أن الكتاب مبارك، لكن مع ذلك مجرد التبرك به من غير عمل هذا لا يجدي لا بد من العمل لتحصل البركة.