يقول: وأما وقع في قصة الأكل من الشجرة أنها شجرة الخلد التي تأكل منها الملائكة فليس بثابت، ثم قال: وقدم المصنف ذكر الملائكة على الأنبياء .. ، البخاري قدم ذكر الملائكة على الأنبياء هل لكون البخاري يختار أن الملائكة أفضل أو لأنهم أسبق في الوجود؟ وأيضاً هم مقدمون في النصوص الشرعية، في الآيات والأحاديث هم يقدمون على الرسل، وقدم المصنف ذكر الملائكة على الأنبياء لا لكونهم أفضل عنده بل لتقدمهم في الخلق ولسبق ذكرهم في القرآن في عدة آيات كقوله تعالى: {كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} [(285) سورة البقرة] {وَمَن يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} [(136) سورة النساء] {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} [(177) سورة البقرة] وقد وقع في حديث جابر الطويل عند مسلم في صفة الحج: ((أبدأ بما بدأ الله به)) ورواه النسائي بصيغة الأمر: ((ابدؤوا بما بدأ الله به)) ولأنهم وسائط بين الله وبين الرسل في تبليغ الوحي والشرائع فناسب أن يقدم الكلام فيهم على الأنبياء، ولا يلزم من ذلك أن يكونوا أفضل من الأنبياء.
يقول ابن حجر: وقد ذكرت تفضيل الملائكة في كتاب التوحيد عند شرح حديث: ((ذكرته في ملأ خير منهم)) ولذا يرى جمع من أهل التحقيق أن الملائكة أفضل من سائر البشر باستثناء النبيين والمرسلين، وأما بالنسبة لمن عداهم النبيين والمرسلين أفضل الخلق أجمعين، ويليهم الملائكة أفضل من صالحي البشر، ومنهم من يفضل الصالحين من البشر، مثلما قال ابن حجر المسألة طويلة، والكلام فيها كبير، والأدلة فيها أيضاً كثيرة، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.