قال -رحمه الله-: أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي عن حماد والحارث بن مسكين، عن حماد يعني بن زيد، والحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع، قراءة عليه وأنا أسمع، الحارث بن مسكين هذا شيخ للإمام النسائي وهو من ثقات الرواة وأثباتهم، لكنه طرد النسائي عن السماع ولم يمكنه من السماع، فكان النسائي يختفي خلف اسطوانة وعمود فكان يسمع من غير إذن، والسبب في ذلك على ما قالوا: إن الحارث بن مسكين كان يأخذ على التحديث، كان يأخذ على التحديث والإمام النسائي -رحمة الله عليه- كان يهتم بمظهره اهتمام بالغ، يعني يعتني بمظهره، فلعل الحارث طمع فيه من هذه الحيثية، فالنسائي لم يبذل له شيئاً يرضيه فطرده من الدرس، وأهل الحديث كغيرهم بشر ينتابهم ما ينتاب البشر، والحارث يقول: أنا تفرغت للتحديث، وتركت أولادي دون نفقة، فلا بد من الأخذ، والمسألة على ما هو معروف خلافية بين أهل العلم، والورع ترك الأخذ، لكن إن احتاج الإنسان فجاء في ذلك: ((إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله)) الإمام النسائي لإمامة الحارث بن مسكين نقل عنه وروى عنه، وباعتباره لم يأذن له في السماع يصدر الرواية عنه بدون صيغة، الآن عطف على حماد عن حماد والحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع، لو لم يعطف لقال النسائي -رحمه الله تعالى-: الحارث بن مسكين فيما قرئ عليه وأنا أسمع، الآن الحارث معطوف على حماد وإلا يحيى بن حبيب؟ هو معطوف على يحيى بن حبيب؛ لأنه شيخ للنسائي، ومع ذلك يقول: قراءة عليه وأنا أسمع، هو ليس معطوفاً على حماد، يقول: أخبرنا يحيى بن حبيب العربي عن حماد والحارث يعني وأخبرنا الحارث بن مسكين وهو في الغالب وهو الأصل أنه يذكره بلا صيغة، والنسائي المطبوع مشوا على الجادة ذكر أخبرنا، النسائي الكبرى القطعة المطبوعة منها في الهند جعلوا أخبرنا بين قوسين معكوفين؛ لأنها موجودة في المجتبى المطبوعة في مصر وليست موجودة في الأصل المخطوط فصاروا يكتبون أخبرنا، يعني يستغربون أن يوجد الحارث بن مسكين بدون حدثنا ولا أخبرنا فلعلها سقطت من النساخ، وهم لا يعرفون العلة، هذا الكلام ليس بصحيح، هو لورعه، النسائي -رحمه الله- لورعه لا يقول: أخبرنا، لماذا؟ لأنه لم يقصد