وأما معلقات مسلم فعدتها أربعة عشر حديثاً وصلها كلها في مواضع أخر من الصحيح، أو وصلها ثم قال نعم بعد أن حذف بعض الإسناد وذكر ما بقي منه في نفس الموضع؛ لأن مسلم لا يفرق الأحاديث فيصل في نفس الموضع ثم يعلق، أو في موضع آخر -وهذا نادر- وصلها جميعها سوى واحد، سوى حديث واحد، وهذا هو الذي يمكن أن يقال فيه: إنه حديث معلق في صحيح مسلم، وهذا الحديث المعلق في صحيح مسلم موصول في صحيح البخاري، إذن معلقات مسلم تحتاج إلى نظر وإلا ما تحتاج؟ لا تحتاج إلى نظر.
هذا الموضع: "لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((الأعمال بالنية ولكل امرئ ما نوى)) ".
يقول ابن حجر -رحمه الله-: اشتملت هذه الترجمة –باب الطلاق في الإغلاق- اشتملت هذه الترجمة على أحكام يجمعها أن الحكم إنما يتوجه على العاقل المختار العامد الذاكر، عندك في الإغلاق والكره والسكران والمجنون، والغلط والنسيان، في الطلاق والشرك وغيره، هذه الترجمة جمع فيها أمور، هذه الأمور يجمعها أن الحكم إنما يتوجه على العاقل المختار، لا سكران ولا مجنون ولا مكره ولا ناسي، العاقل المختار العامد، الغلط غير المقصود ولا يسمى غلط إلا إذا كان غير مقصود، يقول: يتوجه على العاقل المختار العامد الذاكر، وشمل ذلك الاستدلال بالحديث؛ لأن غير العاقل المختار لا نية له؛ لأن غير العاقل المختار لا نية له فيما يقول أو يفعل، وكذلك الغالط والناسي والذي يكره على الشيء، وكذلك الغالط والناسي والذي يكره على الشيء هذا لا نية له، لم يقصد.
المجنون {أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَم بِهِ جِنَّةٌ} [(8) سورة سبأ] يدل على أن الذي يفتري على الله الكذب ممن يقصد الكذب يقابله من به جنة، الذي لا يقصد قد يحصل في كلامه من الكذب وما لا معنى له والهذيان لكنه لم يقصد، فلا يؤاخذ به لعدم القصد ولعدم النية.