يقول ابن حجر: وإنما أطلق أولاً: كتاب الحيل للإشارة إلى أن من الحيل ما يشرع فلا يترك مطلقاً، وقلنا: إن الحيلة نص عليها في القرآن في موضع واحد {لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً} [(98) سورة النساء] هذه حيلة مطلوبة حيلة شرعية للتوصل إلى فعل الواجب، والحيل إما أن يتوصل به إلى فعل واجب أو ترك محظور هذه حيل شرعية ومطلوبة على مستوى طلب هذا الواجب، وإذا كانت الحيلة يتوصل بها إلى عكس مراد الشارع من ترك واجب أو فعل محظور هذه حيل اليهود المحرمة التي جاء فيها: ((لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود، فتستحلوا ما حرم الله بأدنى الحيل)) احتالوا على الصيد يوم السبت، احتالوا على الصيد السمك يوم السبت فصادوه يعني استولوا عليه يوم السبت وأخذوه في يوم الأحد، هذه حيلة، حيلة لفعل واجب؟ لا، لارتكاب محظور فهذه محرمة.
من الحيل التي استعظمها أهل العلم بل كفروا من أفتى بها: امرأة طالبت زوجها بالفراق ورفض وبذلت جميع ما تملك من الأسباب فلم تستطع، فأفتاها من أفتاها بأن ترتد، أفتاها من أفتاها بأن ترتد ليفرق بينهما، هذه الحيلة يقول ابن القيم -رحمه الله- في إغاثة اللهفان: "إبليس ما يعرف مثل هذه الحيلة حتى عرفها من هؤلاء" هذه مبالغة من ابن القيم -رحمه الله- لكنها حيلة شنيعة، ابن المبارك كفر من أفتى بمثل هذا، هناك حيل يتوصل بها إلى موبقات، يتوصل بها إلى عظائم الأمور، هذه الحيل لا شك أنها محرمة، وتحريمها شديد في الشرع، تحايل إلى المحرم، فهو ارتكاب للمحرم وزيادة، ارتكاب للمحرم وزيادة، هناك حيل يتوصل بها إلى ما يشبه المحرم، يعني مؤداه قريب من مؤدى المحرم، لكن إذا نظرت إلى أصل المسألة وجدتها جائزة عند أهل العلم.