يقول الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- في شرح الترجمة: "قوله: باب: الخطأ والنسيان في العتاقة والطلاق ونحوه" أي من التعليقات لا يقع شيء إلا بالقصد، وكأنه أشار إلى رد ما روي عن مالك أنه يقع الطلاق والعتاق عامداً كان أو مخطئاً، ذاكراً أو ناسياً، وقد أنكره كثير من أهل مذهبه.
يقول: قوله: باب: الخطأ والنسيان في العتاقة والطلاق ونحوه أي من التعليقات، يعني علق من فعل كذا فله كذا، أو إن فعلت كذا فأنت عتيق، وإن فعلتِ كذا فأنت طالق، هذه التعليقات لا يقع شيء إلا بالقصد، بأن يقصد الطلاق، لا يقصد به الحث والمنع مثلاً، لا يقع شيء إلا بالقصد، ومعلوم أن هذا هو الذي يقول به شيخ الإسلام إذا كان القصد الحث أو المنع فإنه لا يقع الطلاق، لكن ينظر قوله في مسألة العتاق هل يقصد بذلك حث على عمل فيكفر كفارة يمين أو أنه يقع العتق؟ والذي يظهر أن الشرع يتشوف للعتق فيقع، بخلاف الطلاق الذي لا يتشوف له الشرع فلا يقع، فهناك فرق بين العتاقة والطلاق من هذه الحيثية، لا يقع شيء إلا بالقصد، وكأنه أشار إلى رد ما روي عن مالك أنه يقع الطلاق والعتاق عامداً كان أو مخطئاً، سبق لسانه فقال بدلاً من أن يقول: أنت طاهر قال: أنت طالق هذا مخطئ، ذاكراً كان أو ناسياً، وقد أنكره كثير من أهل مذهبه.
مقتضى قول الحافظ في الاقتصار على مالك -رحمه الله- في هذه المسألة أن غير الإمام مالك يوافق الإمام البخاري أن المخطئ لا يؤاخذ، فلو قال لزوجته: أنت طالق وهو يريد أنت طاهر فإنه لا يقع خلافاً لمالك، واقتصاره على قول مالك وأيضاً تضعيف قول مالك بأنه رده أو أنكره كثير من أهل مذهبه أن قول الجمهور يختلف عن قوله، وأن المخطئ لا يقع طلاقه، فإذا قال: أنت طالق وهو يرد أنت طاهر كلامه أنه لا يقع، والظاهر -والله أعلم- أن التفريق في المسألة أنه فيما بينه وبين الله -جل وعلا- أنه لا يقع؛ لأن المؤاخذة مرفوعة، المؤاخذة مرفوعة، بينما عند المحاكمة والمقاضاة إذا قال لها: أنت طالق فإنه يؤاخذ بلفظه، فرق بين هذا وهذا، فالذي يقول: يؤاخذ مطلقاً ولعله هو الذي أثبته عن الإمام مالك يقول: لا يجوز له أن يقربها، لا مقاضاة ولا ديانة.