يقول أهل العلم: الحديث فيه دليل على وجوب النية على الغاسل في غسل الميت لأنه عبادة وغسل واجب، وبه قال أحمد ومالك، يقول ابن قدامة في الكافي: فصل، والفرض فيه -أي في تغسيل الميت- ثلاثة أشياء: النية لأنها طهارة تعبدية أشبهت غسل الجنابة، والأصح عند الشافعية عدم الوجوب، يقول الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: ولا تجب نية الغاسل -أي لا تشترط في صحة الغسل- في الأصح، فيكفي على هذا غرقه أو غسل الكافر إياه؛ لأن المقصود من هذا الغسل هو النظافة، وهي لا تتوقف على نية، والثاني: تجب لأنه غسل واجب فافتقر إلى النية كغسل الجنابة، وعلى هذا فلا يكفي الغرق، ولا غسل كافر فينوي كما في المجموع الغسل الواجب أو غسل الميت، ومذهب الحنفية في هذا الوجوب وإلا عدم الوجوب؟ عدم الوجوب، إذا كانوا لا يشترطونه لرفع الحدث الحي فكيف يشترطونه في تغسيل غيره الميت؟ لكن هذا واجب من واجبات الشرع، ((اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو أكثر من ذلك إن رأيتن)) واجب شرعي، فهل يتأدى هذا الواجب الشرعي بغير نية؟ ويمكن أن نستعمل في هذا قياس الشبه، قياس الشبه، فهو من جهة يشبه غسل الحي، يشبه غسل الحي، لا سيما إذا قلنا: إن الموت حدث من جهة، ومن جهة أخرى يشبه غسل النجاسة؛ لأن الميت تغير بالموت، تغير واختلط منه ما اختلط، وخرج منه ما خرج، فلا بد من تطهيره، والغسل على كل حال مأمور به شرعاً فأيهما به أشبه؟ قياس الشبه تردد الفرع بين أصلين فيلحق بأقربهما شبهاً، فهل تغسيل الميت أقرب إلى غسل الحي باعتباره واجب من واجبات الدين أو أشبه بغسل أو تنظيف وغسل النجاسة وإزالتها؟ نعم، وعلى نتيجة الرجحان في وجهي القياس نعم يكون الحكم، هل تشترط النية وإلا ما تشترط؟ لو وضع تحت ميزاب ثم نزل السيل ونظفه، نعم أو غرق، غرق وأخرجوه من الماء بعضهم يقول: يكفي هذا أشد من تغسيلنا إياه، أو غسله من لا تصح منه النية كالكافر، فقياس الشبه هنا هو تردد هذا الفرع بين أصلين، لذلك عند الشافعية يقول: الأصح عدم الوجوب، أي لا تشترط فيكفي هذا غرقه؛ لأن المقصود من هذا الغسل هو النظافة، وهي لا تتوقف على نية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015