يقول الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-: وفي قوله: ((إلى ما هجر إليه)) تحقير لما طلبه من أمر الدنيا، واستهانت به حيث لم يذكره بلفظه، يعني في الجملة الأولى كرر الجواب باللفظ، وفي الجملة الثانية قال: ((فهجرته إلى ما هاجر إليه)) وهذا من باب التحقير؛ لأن ما هجر إليه لا يستحق الذكر، ليس كما هاجر إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، لأن من هاجر إلى الدنيا لا تستحق الدنيا الذكر، وكذلك المرأة لا تستحق الذكر في مقابل الهجرة إلى الله ورسوله.
وأيضاً فالهجرة إلى الله ورسوله واحدة فلا تعدد فيها، فلذلك أعاد الجواب فيها بلفظ الشرط، يقول ابن رجب: وأيضاً فالهجرة إلى الله ورسوله واحدة فلا تعدد فيها، فلذلك أعاد الجواب فيها بلفظ الشرط، قد تتعدد الهجرة إلى الله ورسوله، يهاجر من بلد كفر إلى بلد بدعة، ثم يهاجر من بلد بدعة إلى بلد معصية، يعني إذا جلس في بلد البدعة مدة قال: لا نهاجر إلى بلد أفضل من هذا، ثم يهاجر إلى بلد ويجد فيه العصاة والمنكرات ظاهرة، ثم يقول: نهاجر إلى بلاد الأخيار إلى الله ورسوله؛ لنستعين على طاعة الله -جل وعلا- ونتشجع معهم، ثم يهاجر إلى بلد الأتقياء الأخيار، هذه هجرة متعددة وإن كانت لله ورسوله.
يقول: وأيضاً فالهجرة إلى الله ورسوله واحدة فلا تعدد فيها، فلذلك أعاد الجواب فيها بلفظ الشرط، نعم الهجرة المذكورة في الحديث وهي التي حصلت في عهده -عليه الصلاة والسلام- من مكة إليه هذه واحدة، وإلا فقد حصلت الهجرة إلى الحبشة مرتين، ثم الهجرة إلى المدينة، فهي متعددة حتى في زمنه -عليه الصلاة والسلام- لكن الأصل أن الإنسان ينتقل من بلد الكفر إلى بلد الإسلام، فلا تعدد فيها، يقول: فلذلك أعاد الجواب فيها بلفظ الشرط.