قوله: ((إلى دنيا))، هو إما متعلق بالهجرة إن كان لفظ كان تامة، أو خبر لكانت إن كانت ناقصة، وسميت الدنيا بهذا إما لقربها ودنوها، هي بالنسبة لنا أقرب من الآخرة؛ لأن الآخرة تقع بعدها، إما لدونها وقربها، أو لدناءتها وحقارتها، وهي لا تزن عند الله جناح بعوضة، أو لدناءتها وحقارته، وفي القاموس، الدنيا نقيض الآخرة، الدنيا نقيض الآخرة، وفي مقتضى قوله نقيض أنه لا دار ثالثة؛ لأنه لو كان هناك دار ثالثة لارتفعت الدنيا والآخرة وبقي غيرهما، لأمكن ارتفاعهما معاً، هذه إذا قلنا إنه من باب النقيض لا يمكن ارتفاعهما معاً، إذا قلنا مثلاً كما يقول صاحب القاموس: " الدنيا نقيض الآخرة" مقتضى ذلك أنه لا دار ثالثة، وإذا قلنا ضد الآخرة، قلنا إن هناك دار أخر ثالثة؛ لأن النقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان، لا بد من وجود أحدهما بخلاف الضدين؛ لأنهما لا يجتمعان ويمكن أن يرتفعا لوجود أمر ثالث، فماذا عن البرزخ! دار مستقلة ولا دار آخرة؟ أو نقول إنها تابعة للدنيا؟ أو تابعة للآخرة؟ يعني مقتضى قول القاموس: الدنيا نظير الآخرة أن البرزخ من الآخرة أو من الدنيا؟ من مات قامت قيامته، لكن الحال الراهنة ويش نسميها -البرزخ-، البرزخ هو الفاصل بين الشيئين، البرزخ هو الذي يفصل بين الشيئين ولا يكون من الأول ولا من الثاني، هذا مقتضى البرزخ، مقتضى البرزخ أن يكون فاصلاً بين الأول والثاني، ولا يكون من الأول ولا من الثاني، فإذا قلنا هما نقيضان لا بد أن يُلحق البرزخ هذا إما بالدنيا أو بالآخرة، وإذا قلنا هما ضدان قلنا الدور ثلاث، ولا شك أن القبر أول منازل الآخرة، لكن هذا بالنسبة للأفراد؛ لأن فيه غيرهم أناس كثر في الدنيا، فما المقرر، أو المحرر في الدور، هل اثنتان أم ثلاث؟ إذاً شوف دقت صاحب القاموس، يقول، نقيض الآخرة.
طالب:. . . . . . . . .
صحيح، لكن يبقى أن هذا من حيث تعلق الحكم بالأشخاص، ما هو بالعموم بالأشخاص، بالأفراد، يعني من مات منهم وصل إلى هذا المقام، إلى هذه الدار، يختلف حكمه عن حكم من لم يصل إليه، فهناك أناس في الدنيا مع وجود هذا البرزخ، الدنيا قائمة مع وجود هذا البرزخ، نعم واضح وإلا ما هو بواضح؟