وعلى هذا القول فقيل تقدير الكلام: الأعمال واقعة، أو حاصلة بالنيات، فيكون إخباراً عن الأعمال الاختيارية أنها لا تقع إلا عن قصد، لا تقع إلا عن قصد، وأما الأعمال الإجبارية فقد تقع لا عن قصد، ما لا تقع إلا عن قصد من العامل هو سبب عملها، ووجودها، ويكون قوله بعد ذلك: ((وإنما لكل امرئ ما نوى)) إخباراً عن حكم الشرع، وهو أن حظ العامل من عمله نيته، فإن كانت صالحة فعمله صالح فله أجره، وإن كانت فاسدة فعمله فاسد فعليه وزره، ويحتمل أن يكون التقدير في قوله: "بالنيات" الأعمال، الأعمال عموماً صالحة، أو فاسدة، الأعمال بالنيات، الآن منهم من يقول: الأعمال يخصصها بالشرعية، ومنهم من يطلق الشرعية وغير الشرعية، هذا بالنسبة للأعمال، "بالنيات" متعلق الجار والمجرور، منهم من يقول: يقدر الصحة، ومنهم من يقدر الكمال، ومنهم من يقدر ما هو أعم من ذلك نعم، ومنهم من يقدر ما هو أعم من ذلك، يعني لا يكفي أن تكون صحيحة، أو مجزئة، أو كاملة، أو مباحة على أقل الأحوال، يعني ولو كانت فاسدة، ففسادها مقترن بنيتها قال: ويحتمل أن يكون التقدير في قوله: "الأعمال بالنيات" الأعمال عموماً، يعني صالحة، أو فاسدة مقبولة، أو مردودة، أو مثاب عليها، أو غير مثاب عليها.
"بالنيات" فيكون خبراً عن حكم شرعي، وهو أن صلاح الأعمال وفسادها، بحسب صلاح النيات وفسادها، كقوله -صلى الله عليه وسلم- ((إنما الأعمال بالخواتيم)) أي صلاحها وفسادها، وقبولها وعدمه بحسب الخاتمة.
في كتاب طبع أخيراً فيه تعليقات للشيخ شيخنا الشيخ ابن باز -رحمة الله عليه-، اسمه: " الحلل الإبريزية" سأله السائل الجامع لهذه الفوائد الشيخ عبد الله بن مانع، قال: سألت شيخنا عن التقدير في هذا الحديث، فقال: قيل: صحتها، وقيل: قبولها، والأمر أعم من ذلك، والأمر أعم من ذلك، فيشمل جميع ما تقدم مما قاله أهل العلم.
والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.