Q يقول الله تعالى: {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل:80]، {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر:22]، وهذا الحديث فيه: أن الميت يسمع قرع نعال أصحابه، فما القول الفصل؟
صلى الله عليه وسلم هذه المسألة من المسائل الخلافية بين العلماء، لكن الراجح ما ذهب إليه ابن القيم من أن السماع في الآية يختلف عن السماع في الحديث، والمعنى: أن الميت يسمع، لكنه لا يملك إجابة، يسمع قرع النعلين هذا سمع لإدراك الصوت: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ}، معنى الآية: تشبيه لحال المشركين بإعراضهم عن الإجابة بحال الأموات لعدم استجابتهم للداعي، ولذا قال العلامة ابن القيم: فالسماع في القرآن يأتي بمعان ثلاثة: الأول: سمع بمعنى إدراك الصوت: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة:1]، الثاني: سمع بمعنى الإجابة: كقولنا: سمع الله لمن حمده، فمعناه استجاب، وكقول ربنا في سورة الملك: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ} [الملك:10] فالسمع هنا بمعنى الإجابة؛ لأنه: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك:10].
هل المشركون لا يسمعون أم يسمعون؟ يسمعون لكنهم لم يستجيبوا، فمثل الذي يسمع ولا يستجيب كمثل الذي لا يسمع.
هذا المقصود، يعني: ((وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ)) [فاطر:22]، {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل:80]، والمعنى: كرجل قام يعظ في الناس ويأمرهم وينهاهم، فجاء إليه آخر وقال: أنت تعظ في أموات: لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي فالمعنى المقصود في الآية هو سماع الإجابة، والمعنى المقصود في الحديث هو سماع الصوت وإدراكه فقط دون إجابة.
الثالث: يأتي السمع في القرآن بمعنى الفهم: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ} [الأنفال:23] إلى غير ذلك.
فمن إعجاز القرآن اللغوي: أن الكلمة الواحدة تأتي بأكثر من معنى، ولعل هذا خلاف بين سلفنا الصالح.