قال البخاري رحمه الله: [باب: كلام الميت على الجنازة].
معناه: أن الميت يتكلم، ولكن يتكلم بلسان الحال أم بلسان المقال؟ هذا اختلاف بين العلماء، هل يتكلم بكلام حقيقي دون أن يسمع؟ فهناك من يتكلم ولا نسمعه، كحديث: (ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي ملكان: اللهم أعط منفقاً خلفاً، اللهم أعط ممسكاً تلفاً)، فهل تسمع هذا النداء؟! وحينما ينادي في القبر لا تسمعه، فهناك كلام لا نفقهه، ولذلك هل كلام الميت بلسان الحال أم بلسان المقال وبالفعل؟ خلاف بين العلماء.
منهم من قال: يتكلم لكن الحي لا يسمعه.
ومنهم من قال غير ذلك.
قال: [من طريق أبي سعيد قال صلى الله عليه وسلم: (إذا وضعت الجنازة فاحتملها الرجال على أعناقهم)].
هذا الحديث يكرره البخاري، وقد أورده البخاري في كتاب الجنائز في باب: حمل الرجال للجنازة دون النساء.
إذاً: فالذي يحمل الجنائز هم الرجال، والنساء لا يحملن، ولابد أن يحملها الرجال، وقد كنت في بعض بلادنا فرأيتهم لا يضعون الجنازة على أعناق الرجال، إنما توضع في السيارة ويغلقون أبوابها، فإذا بالسيارة من جهة والمشيعون من جهة ويلتقون إلى المقبرة، فبمجرد أن تنزل الجنازة إذا بهم يدفنونها سريعاً لأننا في عصر السرعة، فلا أحد عنده وقت ليقف على القبر أو ليتعظ، ففي ثلاث دقائق تنطلق السيارة ويفتح القبر، ويغلق الباب، ويوضع القفل، شكر الله سعيكم! هكذا في بعض البلاد.
لا متابعة للجنازة، ولا يحملها الرجال، عصر السرعة في كل شيء! ولذلك قال البخاري: [(إذا وضعت الجنازة فاحتملها الرجال على أعناقهم، فإن كانت صالحة قالت: قدموني قدموني.
وإن كانت غير صالحة، قالت: يا وليها أين تذهبون بها؟ يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمعها الإنسان لصعق)].
والمعنى: أن الجنازة تتكلم بلسان المقال أو بلسان الحال، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يسمعها كل شيء)، يثبت أنها تتكلم، وكذا قوله: (ولو سمعها الإنسان لصعق).