باب الصلاة على الجنائز بالمصلى والمسجد

الباب الستين: قال البخاري: [باب الصلاة على الجنائز بالمصلى والمسجد].

والبعض يصر على الصلاة على الجنازة في المصلى، والبعض يصر على الصلاة عليها في المسجد، فبعضهم يقول: لا تشرع في المسجد، وبعضهم يقول: إنما تشرع في المسجد ولا تشرع في المصلى، فأخبر البخاري أنه يجوز أن نصلي على الجنازة في المصلى -مصلى العيدين والكسوف والاستسقاء ومصلى الجنائز- وفي المسجد، ولكن الأصل أن يصلى عليها في المصلى، وإن صلينا في المسجد لم نخالف.

وقد صلى عمر على الصديق في المسجد، وصلى صهيب على عمر رضي الله عنهم في المسجد، وصلى النبي صلى الله عليه وسلم على سهيل بن بيضاء في المسجد، ولما أنكر الصحابة على عائشة هذا، قالت: ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل إلا في المسجد.

ومن السنة أن يكون للجنائز مصلى حتى يزداد عدد المصلين، فالخلاف سائغ، فإذا صلينا في المسجد فلا بأس، وإن صلينا في المصلى فهذا هو السنة؛ لأن الناس يظنون أننا إذا صلينا في المصلى قد خالفنا السنة، والجمهور على جواز الصلاة في المسجد قولاً واحداً.

وذكر البخاري في هذا الباب ثلاثة أحاديث.

الأول: حديث أبي هريرة قال: (نعى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم النجاشي صاحب الحبشة في اليوم الذي مات فيه، فقال: استغفروا لأخيكم).

الثاني: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم صف بهم بالمصلى فكبر عليه أربعاً).

فصلى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي وعلى بعض الصحابة في المصلى لبيان الجواز.

فإن قال قائل: هذا آخر فعله صلى الله عليه وسلم، وهو الصلاة في المصلى، قلنا: لا، إن الصحابة حينما ذكرتهم عائشة بالواقعة أقامت عليهم الحجة، وما أجابوها.

الثالث: حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (إن اليهود جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم برجل منهم وامرأة قد زنيا، فأمر بهما، فرجما قريباً من موضع الجنائز)]، أي: المصلى.

وهناك من يفتري الكذب على الله عز وجل، ويقول: إن الرجم ليس في شرع الله، ويؤلف الكتب والرسائل والمقالات على أن الرجم ليس من الشرع، وأن القرآن ليس فيه رجم.

واليهود في شريعتهم الرجم، فلما زنا رجل يهودي بامرأة يهودية، وكان الرجل متزوجاً، أي: محصناً، والمرأة كذلك جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهم: كيف تجدون حكم الزاني المحصن عندكم؟ قالوا: الجلد، أي: أنهم غيروا وحرفوا، فقال: ائتوني بالتوراة، فجاءوا بالتوراة، فقام رجل ووضع يده على آية الرجم، فقال له عبد الله بن سلام وكان من أحبار اليهود: ارفع يدك يا أعور! فرفع يده فوجدوا الرجم في التوراة، فأنزل الله: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ} [المائدة:43].

فحكم الله في التوراة للزاني والزانية هو الرجم.

وقد ذكر الإمام النووي في رياض الصالحين: أن قرداً زنا بقردة، فاجتمعت القرود على القرد فرجموه، فحكم الرجم حتى عند القرود.

ومصطفى محمود يقول: لا رجم في الإسلام، ولذلك الواجب أن نرجم هذا الفكر، فهذا فكر الخوارج ولا شك في هذا.

ولقد رجم النبي صلى الله عليه وسلم، ورجم أبو بكر، ورجم الصحابة، وآية الرجم في القرآن ولكنها نُسخت تلاوة وبقيت حكماً، وقد تواتر الرجم عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الرجل لسوء فهمه وعدم علمه قال: إن الأمة يوم أن تزني عليها نصف ما على المحصنة، وطالما أن الرجم لا ينصف لأنه لا يمكن أن يقام عليها نصف الرجم، فإذاً المحصنة ليس لها إلا الجلد، والمحصنة عنده بمعنى المتزوجة.

ونقول: المحصنة بمعنى الحرة يا دكتور! فالمحصنات هن الحرائر، فكلمة المحصنات تأتي على معان عديدة، فهي من الاشتراك اللفظي، فتأتي بمعنى الحرة، وتأتي بمعنى المتزوجة إلى غير ذلك من معانيها، ولكنه لا يفرق بين لفظ ولفظ.

والرجم له شروط، إما بشهود أربعة، أو بالإقرار، أي: أن يقول الرجل: أنا فعلت كذا، وهذا إقرار إن كان محصناً.

والبخاري أعاد هذا الحديث في كتاب الحدود؛ ليبين حد الزاني المتزوج، أو الذي سبق له أن تزوج، مثل إذا كان قد تزوج ثم ماتت الزوجة أو طلق، ثم زنا بعد الطلاق أو بعد موتها فهذا محصن طالما سبق له الزواج.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015