قال البخاري رحمه الله: [باب الصفوف على الجنازة].
يعني: هل يصف صفاً واحداً أو صفين أو ثلاثة، وأقل الصفوف في الجنازة تكون صفين، فإن كنا مثلاً نصلي على جنازة ونحن أربعة نقيم صفين، هذا معنى تبويب البخاري، ولذلك قال: باب الصفوف على الجنازة.
ثم ذكر أبو هريرة: (نعى النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه النجاشي) يعني: أخبرهم بموته، والنعي هنا ليس كنعي الجاهلية، فمن المبكي أن نستخدم البدع في الأمور الشرعية.
بعض الإخوة أرسل لي ورقة يقول فيها: بعض الإخوة الذين ينتسبون إلى بعض الحركات الإسلامية أقاموا عزاءً في سرادق رابعة العدوية ليستقبلوا العزاء للشيخ أحمد ياسين! فعملوا سرادق، وأتوا بشيخ يقرأ، فهل هذا من الإسلام؟ أليس ذلك من البدع؟ وكيف نروج للبدع باسم الدين؟ وهل نوافق على إقامة سرادق لرجل قتل في سبيل الله عز وجل أو غير ذلك؟ فباسم الدين يقام السرادق ويأتي أصحاب الكرفتات، وكل طائفة لها كراسي، فأصحاب الكرفتات والمناصب لهم كراسي، وأصحاب القمصان على كراسي أخرى بالخارج، والمقرئ الذي يقرأ يتقاضى مبلغاً من المال نحو عشرة آلاف، فمن جيوب من هذا؟ أليس أكلاً للمال بالباطل؟ فكيف تقرون البدع وتنتسبون إلى دين رب العالمين، وتنسبونها إلى الشرع؟ أقول هذا الكلام وهو ممزوج بمرارة.
وتجد البعض الآخر يقول: والآن نقف دقيقة حداداً على روح الشهيد فلان! ما هذا الذي تفعله؟ وفي أي شرع هذه الدقيقة الحداد؟! جاءتني بعض الأخوات من جامعة الزقازيق منتقبات يسألن: أن بعض الأخوات يقلن لهن: من لم تخرج في المظاهرة فهي آثمة؟ لا إله إلا الله! فتوى من شيخة الإسلام؟! ويقلن: الخروج في المظاهرة جهاد، يعني: جعلوا المظاهرة هي الجهاد، فما هذا الهراء الذي تقولون؟ هذا مع ما يحصل من اختلاط بين الرجال والنساء، وترك لصلاة الجماعة، وتدمير لطاقة الشباب وغير ذلك من المفاسد المترتبة على هذا الفعل وهي كثيرة وعديدة، فما هذا الذي تقولون يا قوم؟! أليس منكم رجل رشيد؟! فتنظر وتلقى البنت تلبس البنطال وتهتف: بالروح بالدم نفديك يا ياسين! وتجد بجانبها الرجل: بالروح! تعالي يا أختي معي، فتكون الأخت بجوار الأخ! وتجد الظهر يؤذن له ولسان حالهم: لا دخل لنا نحن في جهاد! فعلموهم أن هذا هو الجهاد، وعلموهم أن الخروج في المظاهرة جهاد، فمن الذي قال ذلك؟ ثم تجدهم يلوون النصوص لياً.
ويقولون: إن حمزة خرج في مظاهرة هو وعمر بن الخطاب! فهل سمعتم في يوم أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء بكل أصحابه يهتفون: يسقط أبو لهب تعيش مكة؟! فما هذه الخربطة، وما هذا الذي يحدث يا أمة ضحكت منها الأمم؟ فمنذ 48 إلى 67 وإلى سقوط بغداد ونحن نهتف حتى تبح الأصوات وتعود الأمور إلى طبيعتها، وبعد ذلك الأخ ممكن أن يتعرف على الأخت في المظاهرة، وتكون زميلة المظاهرة ورفيقة رحلة الجهاد! نسأل الله العافية! أيها الإخوة! هذا الكلام والله ممزوج بمرارة، فلا يجوز أن نخرج عن الكتاب والسنة في كل وقت وحين؛ فهما النجاة والعصمة.
قال: [(نعى النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه النجاشي، ثم تقدم فصفوا خلفه فكبر أربعاً).
ثم جاء بحديث آخر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى على قبر منبوذ فصفهم وكبر أربعاً) قلت: يا أبا عمرو من حدثك هذا؟ قال: ابن عباس.
يجوز الصلاة على قبر الميت إن لم تكن قد صليت عليه.
وهل يجوز الصلاة على الشهيد؟ الراجح: أنه لا يصلى عليه؛ لحديث جابر بن عبد الله: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجل والرجلين من شهداء أحد في ثوب واحد -يعني: يكفن الاثنين بثوب واحد- ثم يسأل: أيهم أكثر أخذاً للقرآن الكريم؟) يعني: أيهم يحفظ القرآن وأكثر من الآخر، فيقدم من يحفظ القرآن في قبره، فحامل القرآن يقدم في حياته ويقدم بعد موته، فأين حملة القرآن اليوم هل نقدمهم أم نسخر منهم؟ ففي مسلسل الأيام الذي أنتزع من صاحبه طه حسين جاء مشهد فيه: أن المقرئ كان يحفظ غلاماً اسمه طه القرآن، فإذا جاء يقول له: هل أرسلت أمك البطة يا طه؟! فيصور للناس أن حامل القرآن يبحث عن الطعام والشراب، هكذا الريادة في مجتمعات الضلال! فالنبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد كان يسأل أولاً عن أكثرهم أخذاً للقرآن، ثم يقول جابر: (فقال صلى الله عليه وسلم: أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة، ودفنهم بدمائهم وما صلى عليهم).
وفي حديث عقبة بن عامر: (أنه خرج صلى الله عليه وسلم إلى شهداء أحد في قبورهم وصلى عليهم صلاته على الميت، ثم عاد وجلس على المنبر وقال لأصحابه: إني فرط لكم، وإني أنظر إلى حوضي من مكاني هذا)، وهذا الكلام كان في السنة (11) من الهجرة، في العام الذي مات فيه.
يقول علما