الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: فأيها الإخوة الكرام الأحباب في بداية هذا اللقاء الطيب المبارك نذكر بأمور هامة: الأمر الأول: صيام عاشوراء، عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وجد اليهود يصومون عاشوراء، فلما سأل عن سبب صيامه أخبروه بأنه يوم أظهر الله فيه موسى عليه السلام وأغرق فرعون، فقال صلى الله عليه وسلم: نحن أحق بموسى منهم، فصام وأمر الناس بصيامه)، ولما أُخبر أن اليهود يفردونه بالصيام قال: (لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر) وفي حديث أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صيام عاشوراء أحتسب على الله أن يكفّر ذنوب سنة ماضية)، فلا تحرموا أنفسكم من هذا الأجر الكبير، وفي هذا اليوم ينبغي أن نبيّن لأبنائنا الصغار ما وقع من صراع بين الحق والباطل، بين موسى عليه السلام وبين فرعون، وفي قصة موسى الكثير من الدروس والعبر التي ينبغي أن نقبل عليها دراسة وتحليلاً، فإن فرعون قتل لأجل موسى آلاف الذكور من بني إسرائيل، وخطط لعدم ميلاده وعدم وجوده إلا أن الله أراد أن يلقن الفراعنة درساً في كل الأزمنة والعصور، {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف:21]، فربي موسى في بيت فرعون، وترعرع تحت بصره، ووقفت امرأته تدافع عنه، وعادة الفراعنة أنهم لا يملكون صناعة القرار، إنما الذي يصنع القرار لهم هن النساء، ولكنهم يتخذون القرار، وفرق بين صناعة القرار واتخاذ القرار، فالفراعنة إن تأملت في كتاب الله عز وجل تجد أن النساء يحكمنهم، قالت امرأة فرعون: (لا تقتلوه)، وهو كان قد قال من قبل (اقتلوه)، فكان صاحب القرار في الأمر هي المرأة، قال عز وجل حاكياً عنها أنها قالت: {لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} [القصص:9] فتُرك موسى عليه السلام.
وهكذا فاذكر لهم الأحداث التي وقعت في قصته في هجرته من مصر، وفي زواجه من مدين، وفي عودته من مدين إلى مصر، وفي لقائه مع فرعون، وفي لقائه مع السحرة، وفي خروجه من مصر وإغراق فرعون في يوم عاشوراء، وفي نجاة بني إسرائيل، وفي عبورهم إلى الشاطئ الآخر حيث مروا {عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف:138]، فهي دروس وعبر ما أحوجنا أن نذكر بها الأبناء، وأن تخضع لمقاييس الفهم الصحيح من الكتاب والسنة.