هو من قصيدة للأعشى ميمون أولها:
ودّع هريرة إنّ الرّكب مرتحل … وهل تطيق وداعا أيّها الرّجل
وقبل هذا البيت:
لئن منيت بنا عن غبّ معركة … لا تلفنا عن دماء القوم ننتفل
قوله: ودّع، استشهد به أهل البديع على نوع من التجريد، وهو خطاب الإنسان نفسه. ومنيت: ابتليت، أي قد قدرت لنا وقدرنا لك. وعن: بمعنى بعد.
وقد استشهد ابن مالك بالبيت على ذلك بالفاء بأحد النفل. قال المصنف: الكثيرون يروونه بالقاف وهو تصحيف. ومن أبيات هذه القصيدة ما استشهد به في البديع وهو:
ما روضة من رياض الحزن معشبة … خضراء جاد عليها مسبل هطل
يضاحك الشّمس منها كوكب شرق … مؤزّر بعميم النّبت مكتهل
يوما بأطيب منها نشر رائحة … ولا بأحسن منها إذ دنا الأصل
والحزن: بالفتح وزاي، اسم موضع، وهو في الأصل ضدّ السهل. ومسيل:
سائل. وهطل: متتابع. ويضاحك: يميل معها حيث مالت. وكوكب: معظم الزهر، وكوكب كل شيء: معظمه. وشرق: ريان. وعميم: طويل. ومكتهل:
ظاهر النور. والأصل جمع أصيل، وهو العشي. وبعد هذه الأبيات قوله:
علّقتها عرضا، وعلّقت رجلا … غيري، وعلّق أخرى ذلك الرّجل
وهذا البيت استشهد به المصنف في التوضيح على بناء الفعل للمجهول في الافعال الثلاثة لإقامة النظم. والعلاقة: بالفتح، الحب. وعرضا: بالعين المهملة، من عرض له كذا أتاه على غير قصد. وبعد هذا:
فكلّنا مغرم يهذي بصاحبه … ناء ودان ومحبول ومحتبل