ابنه خراشا فيمن أسروا. فوقع لرجل منهم فجهد به أن يخبره من هو فلم يفعل.

فبينا الآسر وخراش في ماشية أضافه ابن عم له قد عرف خراشا، فقال له: أتعرف مكان أهلك؟ قال: نعم. فألقى عليه ثوبه مجيرا له. فأقبل الآسر بالسيف صلتا فقال:

أسيري أسيري!! فقال: كذبت، قد أجرته. فكف عنه ولحق خراش بأبيه، فقال:

من أجارك؟ فأخبره. قال: فمن الرجل؟ قال: ما أتيته. فمدحه أبو خراش وهو لا يعرفه. قال أبو عبيدة: وكان يقال: لم نعلم شاعرا مدح رجلا لا يعرفه إلا أبا خراش فقال (?):

حمدت الهي بعد عروة إذ نجا … خراش وبعض الشّرّ أهون من بعض

كأنّهم يشّبّثون بطائر … خفيف المشاش عظمه غير ذي نحض

يبادر قرب اللّيل وهو مهابذ … يحثّ الجناح بالتّبسّط والقبض

ولم يك مثلوج الفؤاد مهبّجا … أضاع الشّباب في الرّبيدة والخفض

ولكنّه قد نازعته مخامص … على أنّه ذو مرّة صادق النّهض

ولم أدر من ألقى عليه رداءه … سوى أنّه قد سلّ عن ماجد محض

فو الله لا أنسى قتيلا رزئته … بجانب قوسى ما بقيت على الأرض

على أنّها تعفو الكلوم وإنّما … نوكّل بالأدنى وإن جلّ ما يمضي

قوله: (كأنهم) يعني الذين يعدون خلف خراش. والمشاش: رؤس العظام.

ويقال لكل من استخف، خفيف المشاش. والنحض: بفتح النون وسكون الحاء المهملة، اللحم. ومهابذ: بالمعجمة،

سريع. قال الأصمعي: أراد مهاذب، فقلبه.

يقال: من هذب إذا عدا عدوا شديدا. وقال غيره: إنما هو مهابذ، بالمهملة، أي جاد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015