بل يتجافى ناحيتها مستدقُّ اللسان، ولا تعترضان الصوت، بل تخليان طريقه، ويخرج الصوت من تينك الناحيتين، وإنما سمي الراء مكرراً لأن طرف اللسان إذا تكلم به كأنه يتعثر: أي يقوم فيعثر، للتكرير الذي فيه، ولذلك كانت
حركته كحركتين، كما تبين في باب الإمالة (?) ، ومعنى الهاوي ذُو الْهَوَاء كما ذكرنا، وإنما سُمّيَ التاء مهتوتاً لأن الهتّ سَرْدُ الكلام على سرعة، فهو حرف خفيف لا يصعب التكلم به على سرعة.
قال: " وَمَتَى قُصِد إِدْغَامُ أَحَدِ الْمُتَقَارِبَيْنِ فَلاَ بُدَّ مِنَ الْقَلَبِ، وَالْقِيَاسُ قَلْبُ الأَوَّلِ إلاَّ لِعَارِضٍ في نحو إذ بحتودا واذبحاذه، في جُمْلَةٍ مِنْ تَاءِ الافْتِعَالِ لِنَحْوِهِ وَلِكَثْرَةِ تَغَيُّرِهَا، وَمَحُّمْ فِي مَعَهُمْ ضَعِيفٌ، وَسِتٌّ أصْلُهُ سِدْسٌ شَاذٌّ لاَزِمٌ " أقول: شرع في بيان إدغام المتقاربة بعضها في بعض، وقدم مقدمة يعرف بها كيفية إدغامها، ثم ذكر مقدمة أخرى يعرف بها ما لم يجز إدغامه منها في مقاربه، وهي قوله " ولا يدغم منها في كلمة " إلى قوله " فالهاء في الحاء " إنما كان القياس قلب الأول إلى الثاني دون العكس لأن الإدغام تغيير الحرف الأول بإيصاله إلى الثاني وجعله معه كحرف واحد.
فلما كان لابد للأول من التغيير بعد صيرورة المتقاربين مثلين ابتدأتَ بتغييره بالقلب قوله " إلا لعارض " اعلم انه قد يعرض ما يمنع من القياس المذكور، وهو شيئان: أحدهما: كون الأول أخف من الثاني، وهو إما في حرفين حلقيين أولهما أعلى من الثاني، وذلك إذا قصد إدغام الحاء إما في العين أو في الهاء فقط، ولا يدغم حلقيٌّ في حلقي آخر أدخل كما يجئ لو إنما أدغمت الحاء في أحد الحرفين مع أن حروف الحلق يقل فيها الإدغام - كما يجئ - لثقلها، فلهذا قلّ المضاعف منها كما