وذلك أن البحر يتهيأ لما يزخر به، فلهذا كانت الهمزة أصلاً غير بدل من عين، ولو قلت: إنها بدل منها فهو وجه، وليس بالقوي " انتهى.
ومفهومه أن إبدال العين همزة ضعيف لقلته، وإليه ذهب ابن مالك قال في التسهيل: " وتبدل الهمزة قليلاً من الهاء والعين " ومثل شراحة بالبيت، ولم يقيد الزمخشري في المفصل بقلة، بل قال: " الهمزة أبدلت من حروف اللين ومن الهاء والعين " ثم مثل، إلى أن قال: " فأبدالها من الهاء في ماء وأمواء، ومن العين في قوله: " أُبَابُ بَحْرٍ ... البيت " نعم تفهم القلة من ذكره أخيراً بالنسبة إلى ما قبله، ولم يقيد بشئ شارحه ابن يعيش، وإنما قال: " أبدل الهمزة لقرب مخرجيهما كما أبدلت العين من الهمزة في نحو * أعَنْ تَرَسَّمْتَ ... البيت * " وليس في هذا شذوذ فضلاً عن الأشَذِّيَّة، وتوجيه الشارح الأشَذِّيَّة بما قاله تبعاً للمصنف ممنوع، فإنه جاءت كلمات كثيرة، وقد ذكر له ابن السكيت في كتاب القلب والإبدال باباً، وكذا عقدا له فصلاً أبو القاسم الزجاجي في أماليه الكبرى، أما ابن السكيت فقد قال: " باب العين والهمزة: قال الأصمعي: يقال: آديته على كذا وكذا وأعديته: أي قويته وأعنته، ويقال: استأديت الأمير على فلان في معنى استعديت، ويقال: قد كَثَأَ اللبنُ وكَثَعَ وهي الكَثْأَةُ والكَثْعَةُ، وهو أن يعلو دسمه وخُثُورته على رأسه في الإناء، قال: (من
الطويل) وَأَنْتَ امْرُؤٌ قَد كَثَّأَتْ لَكَ لِحْيَةٌ * كَأَنَّكَ مِنْهَا بَيْنَ تَيْسَيْنِ قَاعِدْ والعرب تقول: موت زعاف وزؤاف وذعاف وذُؤاف، وهو الذي يعجل