202 - ينفحن منه لهبا منفوحا * لمعا يُرَى لا ذَاكياً مَقْدُوحا على أنه قد جاء في الشعر شذوذاً إبدال الخاء المعجمة حاء مهملة.

قال ابن جني في سر الصناعة: " الحاء حرف مهموس يكون أصلاً لا غير، ولا يكون بدلاً ولا زائداً، إلا فيما شد عنهم، أنشد ابن الأعرابي: * يَنْفُحْنَ مِنْهُ لَهَباً مَنْفُوحَا * إلخ قال: أراد منفوخاً، فأبدل المعجمة حاء، قال: ومثله قول رؤبة: (من الرجز) غَمْرُ الأَجَارِيِّ كَرِيمُ السِّنْحِ * أبْلَجُ لَمْ يُولَدْ بِنَجْمِ الشُّحِّ قال: يريد السِّنْخ، وأما حثث تحثيثاً وحَثْحَثَ حَثْحَثَةً فأصْلاَن، قال أبو علي: فأما الحاء فبعيدة من الثاء وبينهما تفاوت يمنع من قلب إحداهما إلى أختها.

وإنما حثحثت أصل رباعى، وحثث أصل ثلاثي، وليس واحد منهما من لفظ صاحبه، إلا أن حثحث من مضاعف الأربعة، وحثث من مضاعف الثلاثة، فلما تضارعا بالتضعيف الذي فيهما اشتبه على بعض الناس أمرهما، وهذا هو حقيقة مذهب البصريين.

ألا ترى أن أبا العباس قال: ليس ثَرَّة عند النحويين من لفظ ثرثارة، وإن كانت من معناها، هذا هو الصواب، وهو قول كافة أصحابنا، على أن أبا بكر محمد بن السَّرِيِّ قد كان تابع الكوفيين، وقال في هذا بقولهم، وإنما هذه أصول تقاربت ألفاظها فتوافقت معانيها، وهي مع ذلك مضعفة، ونظيرها من غير التضعيف قولهم: دَمْثٌ ودِمَثْرٌ، وسَبْط وسِبَطْرُ،

ولُؤْلُؤٌ ولئَّال، وحيّة وحواء، ودِلاص ودُلامِص، وله نظائر كثيرة، وإذا قامت الدلالة على أن أصل حَثْحَثَ ليس من لفظ حَثَّثَ، فالقول في هذا وفي جميع ما جاء منه واحد، نحو تَمَلْمَلَ وتَمَلَّلَ ورَقْرَقَ ورَقَّقَ وصَرْصَرَ وصَرَّ " انتهى كلام ابن جني.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015