199 - تَرَّاكَ أَمْكِنَةٍ إذَا لَمْ أرْضَهَا * أوْ يَرْتَبِطْ بَعْضَ النُّفُوسِ حِمَامُهَا على أن أبا عبيدة قال: " بعض " في البيت بمعنى كل، واستدل به لقوله تعالى: (وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الذي يعدكم) ولم يرتضه الزمخشري، قال القاضي: هو مردود، لأنه أراد بالبعض نفسه، وقال في الآية: فلا أقل من أن يصيبكم بعضه، وفيه مبالغة في التحذير وإظهار الانتصاف (?) وعدم التعصب، ولذلك قدم كونه كاذباً، أو يصيبكم ما يعدكم من عذاب الدنيا، وهو بعض مواعيده كأنه خوفهم بما هو أظهر احتمالاً عندهم، وقال الزمخشري في سورة المائدة عند قوله تعالى (فاعلم أَنَّمَا يُرِيدُ الله أَن يُصِيبَهُم ببعض ذنوبهم) : " يعني بذنب التولي عن حكم الله وإرادة خلافه، فوضع ببعض ذنوبهم موضع ذلك، وأراد أن لهم ذنوباً جمة كثيرة العدد، وأن هذا الذنب مع عظمة بعظها واحد منها، وهذا الابهام لتظيم التولي، ونحو البعض في هذا الكلام ما في قول لبيد: * أوْ يَرْتَبِطْ بَعْضَ النُّفُوسِ حِمَامُهَا * أراد نفسه، وإنما قصد تفخييم شأنها بهذا الامام، كأنه قال: نفسا كبيرة ونفسا أيَّ نفس، فكما أن التنكير يعطى معنى التكبير وهو في معنى البعضية فكذلك إذا صرح بالبعض " انتهى.
وكذا قال القاضي والبيت من معلقة لبيد بن ربيعة العامري الصحابي رضي الله عنه، قال الزوزني في شرحه: " أراد ببعض النفوس هنا نفسه، ومن جعل بعض النفوس
بمعنى كل النفوس فقد أخطأ، لأن بعضاً لا يفيد العموم والاستيعاب " انتهى.
و" ترَّاك " مبالغة تارك، وأمكنة: جمع مكان، و " إذا " ظرف لتراك لا شرطية - وَالحِمام - بكسر الحاء المهملة - الموت وهو فاعل يرتبط، و " بعضَ " مفعوله