* فغض الطرف إنك من نمير البيت * فأطفأ سراجه ونام، وقال: والله قد أخزيتهم آخر الدهر، فلم يرفعوا رأساً بعدها إلا نكس بهذا البيت، حتى إن مولى لبني باهلة كان يرد سوق البصرة ممتاراً، فيصيح به بنو نمير: يَا جُوَاذِبَ (?) باهلة، فَقصَّ الخبر على مَوَاليه، وقد ضجر من ذلك، فقالوا له: إذا نبزوك فقل لهم * فغض الطرف إنك من نمير * ومر بهم بعد ذلك فنبزوه، وأراد البيت فنسيه، فقال: غض وإلا جاءك ما تكره، فكفوا عنه ولم يعرضوا له بعدها، ومرت امراة ببعض مجالس بني نمير، فأداموا النظر إليها فقالت: قبحكم الله يا بني نمير، ما قبلتم قول الله عزّ وجلّ (قل للمؤمنين يغضو من أبصاهم) ولا قول الشاعر: فَغُضَّ الطَّرْفِ إنَّكَ مِنْ نُمَيْرٍ ... البيت وهذه القصيدة تسميها العرب الفاضحة، وقيل: سماها جرير الدامغة، تركت بني نمير بالبصرة ينتسبون إلى عامر بن صعصعة ويتجاوزون أباهم نميراً إلى أبيه هرباً من ذكر نمير وفراراً مما وسم به من الفضيحة وقد تكلمنا عليه بأبسط من هذا في الشاهد الرابع من أول شرح شواهد
شرح الكافية وقد خبط خبط عشواء في هذا البيت بعض فضلاء العجم في شرح أبيات المفصَّل، قال: " البيت لجرير يهجو به الفرزدق، لأن نميراً أبو قبيلة من قيس وهو نمير بن عامر بن صعصعة، بن مجاشع من أجداد الفرزدق، وكعب وكلاب في قريش " هذا كلامه، وفيه خلل من وجوه: الأول أن المهجو نميري والفرزدق تميمي، الثاني أن صعصعة والدَ عامر ليس جد الفرزدق، الثالث أن صعصعة جد الفرزدق ليس ابنَ مجاشع، وإنما هو صعصعة بن ناجية بن عقال ابن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارِم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد