وأنشد الفراء أيضا: (من الرجز) * يا حبذا عينا سليمى والفما * قال: أراد والفمان، يعنى الفم والانف، فثناهما بلفظ الفم للتجاور الذى بينهما، وأجاز الفراء أيضا أن تنصبه على أنه مفعول معه، كأنه قال: مع الفم، ومذهب الكسائي في " خظاتا " أقيس عندي من قول الفراء، لان حذف نون التثنية شئ غير معروف، فأما " والفما " فقد يجوز أن ينصب بفعل مضمر، كأنه قال: وأحب الفم، ويجوز أن يكون الفم في موضع رفع إلا أنه اسم مقصور بمنزلة عصا، وعليه جاء بيت الفرزدق: * هُمَا نَفَثَا فِي مِنْ فَمَوَيْهِمَا * فاعرفه، ومما يؤيد عندي مذهب الكسائي أنه أراد خظتا فلما حرك التاء وإن كانت الحركة عارضة غير لازمة رد الالف التى هي بدل من الواو التى هي لام الفعل، كقولهم " الحمر " في الاحمر، و " لبيض " في الابيض، ألا ترى أنهم اعتدوا بحركة الهمزة المحذوفة لما ألقوها على اللام المعرفة، فأجروا ما ليس بلازم مجرى اللازم؟ ونحو من ذلك قراءتهم (لكنا هو الله ربى) وأصلها لكن أنا، فلما حذفت الهمزة للتخفيف وألقيت فتحتها على نون لكن صار التقدير لكننا فلما اجتمع حرفان مثلان متحركان كره ذلك كما كره شدد وجلل، فأسكنوا النون الاولى، وأدغموها في الثانية فصار لكنا، كما أسكنوا الحرف الاول من شدد وجلل، وأدغموه في الثاني فقالوا: شد وجل، أفلا ترى أنهم أجروا المنفصل وهو لكن أنا مجرى المتصل في شد وجل، ولم يقرأ أحد لكننا مظهرا، فهل ذلك إلا لاعتدادهم بالحركة وإن كانت غير لازمة؟ وعلى هذا قالوا (سل بنى إسرائيل)

وأصله اسال، فلما خففت الهمزة فحذفت وألقيت حركتها على السين قبلها اعتد بها فحذفت همزة الوصل لتحرك الحرف بعدها، ونظائر هذا كثير، ومنها قولهم في تخفيف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015