على أنه مثل يضرب في الحديث يستذكر به حديث غيره وأول من قاله رُهَيْم ابن حَزْن الْهِلاَلِي، وكان انتقل بأهله وماله من بلده يريد بلداً آخر، فاعترضه قوم من بني تغلب، فعرفوه وهو لا يعرفهم، فقالوا له: خَلِّ ما معك وانج بنفسك، قال لهم: دونكم المالَ ولا تتعرضوا لِلْحُرَم، فقال له بعضهم: إن أردت أن نفعل ذلك فألقِ رمحك، فقال: وإن معي لَرُمْحاً؟ فشدَّ عليهم، فجعل يقتل واحداً بعد واحد، وهو يرتجز ويقول: رُدُّوا عَلَى أقْرَبِهَا الأقَاصِيَا * إنَّ لَهَا بالمَشْرِفِيِّ حَادِيَا * ذَكَّرْتَنِي الطَّعْنَ وَكُنْتُ نَاسِيَا * وقيل: إن أصله أن رجلاً حمل على رجل ليقتله، وكان في يد المحمول عليه رمح فأنساه الدهش ما في يده، فقال له الحامل: ألْقِ الرمح، فقال الآخر: إن معي رمحاً لا أشعر به؟ * ذَكَّرْتَنِي الطَّعْنَ وَكُنْتُ نَاسِيَا *
فحمل على صاحبه فطعنه حتى قتله أو هزمه، يضرب في تذكر الشئ بغيره، ويقال: إن الحامل صخر بن معاوية السلمي، والمحمول عليه يزيد بن الصَّعِق، كذا في غاية الوسائل إلى معرفة الأوائل تأليف إسماعيل بن هبة الله الموصلي الشافعي، واقتصر الزمخشري في مستقصى الأمثال على القول الأول والثالث وقوله " ردوا على أقربها " الضمير للإبل، والأقاصي: جمع أقصى وهو البعيد، والْمَشْرِفي - بفتح الميم والراء - السيف نسبة إلى مشارف على خلاف القياس (?) ، ومَشَارِف - بفتح الميم - اسم قرية يعمل فيها السيوف الجيدة،