حاشية الابل، فكأنه حقر دهاده فرده إلى الواحد، وهو دَهْداه، وأدخل الياء والنون كما تدخل في أرضين وسنين، وذلك حين اضطر في الكلام إلى أن يدخل ياء التصغير، وأما أبيكرينا فانه جمع الا بكر (كما يُجْمَعَ الْجُزْرَ وَالطُّرُق فتقول جُزُرات وَطُرُقَات) (?) ولكنه أدخل الياء والنون كما أدخلها في الدُّهَيْدِهِين.
انتهى كلامه وقال ابن جني في سر الصناعة عند سَرْد ما جمع بالواو والنون من كل مؤنث معنوي كأرض أو مؤنث بالتاء محذوف اللام كُثَبة، ما نصُّه: " فإن قلت: فما بالهم قالوا: * قَدْ رَوِيْتَ إلاَّ الدُّهَيْدِهِينَا * إلخ فجمعوا تصغير دَهْدَاه، وهو الحاشية من الإبل، وَأَبْكُراً، وهو جمع بَكْر بالواو والنون، وليسا من جنس ما ذكر؟ فالجواب أن أبكراً جمع بكر، وكل جمع فتأنيثه سائغ مستمر لأنه جماعة في المعنى، وكأنه قد كان ينبغي أبْكِرَة، وإذا ثبت أن أفْعُلا من أمثلة الجموع يجوز في الاستعمال والقياس تأنيثه، فصار إذن جمعهم إياها بالواو والنون في قوله " أُبَيْكرونا " إنما هو عوض من الهاء المقدرة، فجرى مجرى أرض في قولهم، وأما " دهيدهينا " فإن واحده دَهْدَاه فهو نظير الصِّرْمة فكأن الهاء فيها لتأنيث الفرقة، كما أن الهاء في عصبة لتأنيث الجماعة، فكأنه كان في التقدير دهداهة، فجمع الواو والنون تعويضاً من الهاء المقدرة، قال أبو علي: وحسن أيضاً جمعه بالواو والنون أنه قد حذفت ألف دهداه في التحقير، ولو جاء على الأصل لقيل دُهَيْدِيه، فواحد " دهيدهينا " إنما هو دُهَيْدِه، وقد حذفت الألف من مكبره، فكان ذلك أيضا مستهلا للواو والنون وداعياً إلى التعويض بهما، انتهى.