وهو البعد، والباء متعلقة به، والقيل: القول، يريد أنها تقول ما لا تفعل، فقولها قريب حَسن مُطِمعٌ في حصول المراد، وهي أبعد بحصوله له من كل شئ، وزعم العيني أن قوله أنأى بحاجتنا من قولهم: أناءه الحمل، إذا أثقله، ونقله السيوطي في شرح أبيات المغنى، وهو غير صحيح، لأن أفعل التفضيل لا يكون إلا من الثلاثي، وكأن المراد من حسن القول قرب المأمول، ويقابله بعده، لا إثقاله، قال
صاحب الصحاح: وأناءه الحمل مثال أناعه: أي أثقله، (وأماله) (?) ويقال أيضاً: ناء به الحمل، إذا أثقله، فيتعدى بالباء والهمزة، وهو من ناء ينوء نَوْءاً، إذا نهض بِجَهد ومشقة، وناء بالحمل: إذا نهض به مثقلاً، وقوله " لو شئت - إلخ " بكسر التاء خطاب لأمامة، وجملة " قد نقع الفؤاد " جواب لو، قال ابن هشام في المغني: وورد جواب لو الماضي مقروناً بقد، وهو غريب، كقول جرير * لو شئت قد نقع الفؤاد - البيت * ونظيره في الشذوذ اقتران جواب لولا بها، كقول جرير أيضاً * لَوْلاَ رَجَاؤكَ قَدْ قَتَّلْتَ أَوْلاَدِي * انتهى.
و" نقع " بالنون والقاف، يقال: نقع زيد بالماء: أي ارتوى منه، وشرب حتى نقع: أي شفي غليله، والغليل - بالغين المعجمة - حرارة العطش، قال ابن بري: يقال نقع الفؤاد رَوِي، ونقع الماء العطش: أذهبه، نَقْعاً ونُقُوعاً فيهما، والماء الناقع: العذب الْمَرْوي، وقوله " بشربه " متعلق بنقع، والشربة: المرة من الشرب، وأراد به ماء ريقها، وروى بدله " بِمَشْرِب " وهو مصدر ميمي، وقوله " تدع الصوادى " فاعل تدع ضمير الشربة، ومعناه تترك، والصوادي: جمع صادية: أي الفرقة الصادية، أو هو جمع صادٍ.
والصَّدى: الْعَطْش، والصادي: العطشان، يقول: لو ذاقت الفرق الصوادي من تلك الشربة