قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب تعفير الإناء بالتراب من ولوغ الكلب فيه.
أخبرنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا خالد - يعني ابن الحارث - عن شعبة عن أبي التياح قال: سمعت مطرفاً عن عبد الله بن مغفل: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب، ورخص في كلب الصيد والغنم وقال: إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات وعفروه الثامنة بالتراب).
أخبرنا عمرو بن يزيد قال: حدثنا بهز بن أسد قال: حدثنا شعبة عن أبي التياح يزيد بن حميد قال: سمعت مطرفاً يحدث عن عبد الله بن مغفل قال: (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب، قال: ما بالهم وبال الكلاب؟ قال: ورخص في كلب الصيد وكلب الغنم، وقال: إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات وعفروه الثامنة بالتراب، قال أبو هريرة رضي الله عنه: إحداهن بالتراب).
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي عن قتادة عن خلاس عن أبي رافع عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات أولاهن بالتراب).
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا عبدة بن سليمان عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات أولاهن بالتراب)].
هذا الحديث طرقه متعددة، وفيه دليل لما ترجم له المؤلف رحمه الله من أن الكلب إذا ولغ في الإناء يغسل سبعاً، ويعفر بالتراب.
وهذا التعفير بالتراب ذكر في الثامنة في بعض الروايات، وفي بعضها: (إحداهن بالتراب) ولم يعين، فيدل على التوسعة، وأن التراب في إحداهن، وفي بعضها: (أولاهن بالتراب) وهذه رواية مسلم، وهي الأَولى، أي: الأولى أن يكون التراب في الأُولى حتى يغسلها ما بعدها، والجمهور على أن التراب نفسه اعتبر ثامنة، أي: أن الغسل سبع لكن واحدة معها التراب، والأَولى أن تكون الأُولى -كما قدمنا- وإنما سميت ثامنة للنظر إلى كون التراب غير الماء، وإلا فالغسلات سبع.
وفيه دليل على أن الأمر بقتل الكلاب منسوخ، وهذا الحديث فيه بيان الناسخ والمنسوخ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب أولاً ثم رخص فقال: (ما بالهم وبال الكلاب)، إلا الأسود البهيم فإنه يقتل؛ لأنه شيطان، ولهذا جاء في صحيح مسلم: (يقطع صلاة المرء - إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل - المرأة، والحمار، والكلب الأسود).
ولهذا لما سئل أبو ذر رضي الله تعالى عنه: ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر؟ قال للسائل: با ابن أخي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال: (الكلب الأسود شيطان).
وفيه ترخيص في كلب الصيد والغنم، وجاء في حديث آخر أيضاً ترخيص في كلب الحرث.
والذي يرخص فيه منها هو كلب الصيد، وكلب الماشية، وكلب الحرث، وكل ما ورد الترخيص فيه لا يمنع دخول الملائكة، وفيما عدا ذلك لا يجوز اقتناء الكلب، ومن اقتنى كلباً فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان، كما في الحديث الآخر: (من اقتنى كلباً إلا كلب صيد أو ماشية أو حرث نقص من أجره كل يوم قيراطان)، أي: من الأجر، فلا يجوز وضع الكلاب في البيوت للحراسة، كما قال بعضهم: إن كلب الحراسة يقاس على كلب الحرث.