شرح حديث (الماء من الماء)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب الذي يحتلم ولا يرى الماء.

أخبرنا عبد الجبار بن العلاء عن سفيان عن عمرو عن عبد الرحمن بن السائب عن عبد الرحمن بن سعاد عن أبي أيوب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الماء من الماء)].

عبد الرحمن بن السائب مقبول، وعبد الرحمن بن سعاد أيضاً مقبول، فالحديث فيه مقبولان فلا يحتج به في الأصول وإنما يحتج به في المتابعات، فيكون شاهداً للحديث الذي في الصحيحين: (إنما الماء من الماء).

فسند النسائي هذا فيه مقبولان، فيكون متابعاً لما ثبت في الصحيح: (إنما الماء من الماء)، وهذا من الجناس: فالماء الأول ماء الغسل، والماء الثاني ماء المني، فقوله: (إنما الماء من الماء) أي: إنما يجب ماء الغسل من ماء المني.

وهذا الحديث يدل على أن الإنسان إذا احتلم في البيت ولم ير المني فلا يجب عليه الغسل.

والجناس معروف في علم البلاغة، وهو: أن يتفق اللفظان أو تتفق الكلمتان في اللفظ وتختلفان في المعنى، فإن الماء الأول هو ماء الغسل، والماء الثاني هو ماء المني، يعني: إنما يجب ماء الغسل من ماء المني.

وهذا يكون في اليقظة وفي النوم، فيجب الغسل إذا وجد الماء من الاحتلام، أما الجماع فإنه يوجب الغسل أيضاً ولو بدون خروج المني، فيكون الجماع موجباً مستقلاً للغسل سواء خرج المني أو لم يخرج، فخروج المني موجب للغسل في اليقظة وفي النوم.

فقوله: (إنما الماء من الماء) منسوخ في الجماع، وباقٍ في الاحتلام، وقد كان في أول الإسلام إذا جامع الإنسان ولم يمن يغسل ذكره ويتوضأ، ثم نسخ ذلك، فاستقر في الشريعة وجوب الغسل من الجماع، وبقي حديث: (إنما الماء من الماء) في وجوب الغسل في اليقظة أو في النوم عند خروج المني.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015