يقول: "وهذا الترجيح عندنا تحكم لا دليل عليه" إن أراد بالدليل الذي نفاه دليل ظاهر يدركه كل أحد فهذا الكلام صحيح، وإن أراد أن الدليل من القرائن الخفية التي تخفى على المتأخر ويدركها المتقدم فكلامه ليس بصحيح، يقول: وهذا الترجيح عندنا تحكم لا دليل عليه؛ لأن علي بن حجر رواه عن ابن علية على الوجهين كما ترى، وعلي بن حجر ثقة حافظ متقن، فلا نرميه بالوهم في روايته عن ابن علية في أيوب إلا لدليل صحيح قوي، ولم يوجد.
مثل ما قلنا: إذا أراد بالدليل الظاهر الذي يدركه كل أحد من متقدم ومتأخر نقول: كلامك صحيح، ما فيه شيء، وإن أراد بالدليل الخفي من القرائن التي لا يدركها إلا من عاش في عصر الرواية، أو ساوى ووازى من عاش في عصر الرواية بكثرة المروي والمحفوظ فنقول: هذا الكلام ليس بصحيح؛ لأن الإمام قد يقول هذا الكلام خطأ، طيب ليش خطأ؟ الله أعلم، ما يذكر لماذا صار خطأ، وهذا أكثر تعليل الأئمة الكبار بهذه الطريقة، ابن أبي حاتم يقول: سألت أبي وأبا زرعة عن كذا فقالا: خطأ، منكر، ويش الدليل؟ ما ذُكر، فمن تأخر عنهم قد لا يدرك بعض هذه الأمور.
قال: وأما رواية بشر بن معاذ وغيره للحديث عن ابن علية عن ابن جريج فإنما تكون تأييداً لرواية ابن حجر الثانية، وإثباتاً لأن ابن جريج حفظه عن ابن علية من الطريق الأخرى، يعني كونه جاء من طريقين، من طريق علي بن حجر وبشر بن معاذ كلاهما عن إسماعيل بن علية عن بن جريج لا يعني أن ما جاء عن علي بن حجر عن إسماعيل بن علية عن أيوب خطأ، هذا ما يريد أن يقرره الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله-.