قال -رحمه الله-: حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا أبو داود -يعني الطيالسي- قال: أنبأنا شعبة عن مهاجر أبي الحسن" وهذا وثقه الإمام أحمد وابن معين "عن زيد بن وهب" الجهني ثقة مخضرم "عن أبي ذر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان في سفر ومعه بلال فأراد أن يقيم" وفي رواية: أن يؤذن "فقال: ((أبرد)) ثم أراد أن يقيم فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أبرد في الظهر)) قال -يعني فأبرد أكثر مما ذكر لبلال-: "حتى رأينا فيء التلول" جمع تل وهو ما اجتمع من تراب أو رمل كثيب من الرمل ومتى يكون له فيء؟ في وقت متأخر من وقت الظهر؛ لأنه ليس بمرتفع، ليس بشاخص مرتفع يكون له فيء واضح، إنما هو مستوي لكنه فيه ارتفاع؛ لأنه مجتمع بعضه فوق بعض، فإذا كان له فيء لا شك أن الوقت متأخر عن أول الوقت وعن أوسطه أيضاً "حتى رأينا فيء التلول، ثم أقام فصلى فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" والفيء هو الظل "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن شدة الحر من فيح جهنم فأبردوا عن الصلاة)) الكرماني في شرح البخاري وهو شافعي المذهب يرد على الترمذي، الترمذي يقول: هم مجتمعون، معه -عليه الصلاة والسلام- في مكان واحد لا يحتاج أن ينتابوا إلى موضع الصلاة من أماكن بعيدة، على هذا استدل الإمام الترمذي بحديث أبي ذر، لكن الكرماني يقول: العادة في العسكر الكثير تفرقهم في أطراف المنزل للتخفيف وطلب الرعي، يعني ما يجتمعون ويتضايقون في مكان واحد بل يتفرقون، للتخفيف يعني تخفيف الضغط على مكان واحد؛ لأن كثرة الناس في مكان واحد لا شك أن فيه شيء من المشقة والتعب، ولو لم يكن تعب جسدي، لكن الإنسان إذا أبعد الناس أحس بشيء من الراحة، للتخفيف وطلب الرعي فلا نسلم اجتماعهم في تلك الحالة، يقول ابن حجر: وأيضاً لم تجر عادتهم باتخاذ خباء كبير يجمعهم، يعني ما يضرب لهم خباء يجتمعون فيه، فيقال: هم مجتمعون، بل كانوا يتفرقون في ظلال الشجر، وليس هناك كِنٌ يمشون فيه، فليس في الحديث ما يخالف ما قاله الترمذي، يناقشون الترمذي في استدلاله بحديث أبي ذر على ضعف ما ذهب إليه الشافعي، ولا شك أن ما قاله الكرماني وابن حجر ظاهر، يعني الجيش إذا كان كبير يحتاجون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015