يقول: ((أمني جبريل -عليه السلام- عند البيت)) يعني عند بيت الله الكعبة، بمكة ((مرتين)) في يومين، ليعرفني الأوقات، مرتين في يومين يعني كل صلاة مرتين، في يومين ليعلمه الأوقات ((فصلى الظهر)) أول ما صلى جبريل بالنبي -عليه الصلاة والسلام- الظهر، ولذلك تسمى في النصوص الأولى، والثانية العصر، والثالثة المغرب، والرابعة العشاء، والخامسة الفجر، طيب على هذا العدد تكون الصلاة الوسطى المغرب، وقيل بهذا، لكن أرجح ما يقال في الصلاة الوسطى أنها العصر، فإذا كانت الظهر هي الأولى فالعصر الثانية والصلوات خمس، ومعلوم أن الأوسط بالنسبة للخمسة هو الثالث لا الثاني، نقول: وإن سميت الظهر الأولى والعصر الثانية باعتبار إمامة جبريل -عليه السلام- إلا أنها بالنسبة لليوم الشرعي الذي يبدأ بطلوع الصبح تكون العصر هي الثالثة، الأولى هي الفجر بالنسبة لليوم الشرعي، وإن كان اليوم الشامل لليوم والليلة يبدأ من غروب الشمس، فالأولية تطلق باعتبارات، باعتبارات متعددة، وعلى كل حال النصوص الصحيحة تدل على أن الوسطى هي العصر.
((فصلى الظهر في الأولى)) يعني في المرة الأولى، في اليوم الأول، ((منهما)) يعني من المرتين ((حين كان الفيء)) وهو ظل الشمس بعد الزوال، الفيء: ظل الشمس بعد الزوال، ((مثل الشراك)) مثل الشراك: يعني قدر الشراك، والمراد به السير الذي يكون على ظهر القدم من النعل ((مثل الشراك)) والفيء فيء الزوال المعتبر لخروج وقت النهي ودخول وقت صلاة الظهر يختلف باختلاف الأزمان والأماكن، فيكون في مكة قدر الشراك؛ لأنها وقت حينما يقوم قائم الظهيرة الجدران لا ظل لها البتة، والكعبة ليس لها ظل، فإذا مالت الشمس قليلاً تبين الظل من جهة المشرق يسير، بينما في البلدان الأخرى التي تكون عنها من جهة الشمال أو الجنوب، وكل ما بعد الموقع عن مكة زاد فيء الزوال، والزمان أيضاً الزوال يختلف مقداره في الصيف عن مقداره في الشتاء، لماذا؟ لأن الشمس في الصيف تخرج من جهة جنوب المشرق، وتغرب من جهة شمال المغرب، وأما بالنسبة للشتاء فتأتي عمودية من المشرق إلى المغرب؛ لأن النهار أقصر، فلا تحتاج إلى وقت تسير فيه مثل الوقت الذي تسير فيه في الصيف.