قال -رحمه الله-: "حدثنا ابن أبي عمر وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: دخل أعرابي المسجد" الأعرابي واحد الأعراب، والنسبة إلى الجمع كما يقول أهل العلم شاذة، فيجب أن يرد الجمع إلى مفرده، ثم ينسب إليه، لكنه هنا المراد بالأعرابي ساكن البادية، الأعراب جمع والأعرابي الواحد منهم، وليست نسبة إلى الأعراب إنما هو واحد منهم، دخل أعرابي المسجد وقد اختلف في اسمه فقيل: الأقرع بن حابس، وقيل: عيينة بن حصن، وقيل: ذو الخويصرة التميمي أو اليماني "والنبي -صلى الله عليه وسلم- جالساً" الواو واو الحال "فصلى" هذا الأعرابي كما هي السنة لمن دخل المسجد في غير وقت النهي لا سيما المغلظ "فصلى فلما فرغ قال: اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً" أعرابي وهو يظن أن ما عند الله -جل وعلا- مثل ما عند المخلوق إذا كثر الطالبون قل النصيب، لا؛ لأنه يظن لو رحم الخلق كلهم ضاقت به الجنة، لا، إذا كان أخر من يدخل الجنة يخرج من النار ويدخل الجنة أخرهم يقول له: تمن فتضيق به الأماني فيقال له: أتحب أن يكون لك مثل ملك أعظم ملك في الدنيا؟ فيقول: نعم يفرح بهذا، فيقال: لك مثله ومثله ومثله إلى عشرة أمثاله، هذا ظن أن الجنة ما تأخذ إلا اثنين "ارحمني ومحمداً" يعني لو جاءهم ثالث ضاقت، لو جاءهم رابع ضاقت من جهله "فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لقد تحجرت واسعاً)) فلم يلبث -هذا الرجل الأعرابي- أن بال في المسجد، فأسرعوا إليه" أسرع إليه الصحابة؛ لأن هذا منكر، المساجد ما بنيت لهذا؛ إنما بنيت لذكر الله والصلاة، فالبول ينافي مقتضى ما بنيت له المساجد التي أمر ببنائها وتنظيفها وتطيبها، زجروه بناءاً على هذا الأصل، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((لا تزرموه)) لماذا؟ هل لأن المسجد محل لهذا الأمر؟ لا، وإنما لأنه إذا زجر واضطر إلى أن يقوم قبل تمام بوله انتشرت النجاسة، بدلاً من أن تكون في مكان واحد يمكن غسلها والسيطرة عليها تنتشر في أماكن، ويلوث بدنه ويلوث ثيابه، فقال: ((لا تزرموه)) "فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أهريقوا عليه سجلاً من ماء))