يقول صاحب الهداية من الحنفية: قدر الدرهم وما دونه من النجاسة المغلظة كالدم والبول والخمر وخراء الدجاج وبول الحمار تجوز الصلاة معه وإن زاد لم يجز؛ لأن القليل لا يمكن التحرز منه والتحديد بالدرهم أخذاً عن موضع النجاسة، يعني في حال الاستجمار، يعني الجمع بين الدم والبول والخمر وخر الدجاج وبول الحمار، يعني على القول بأن بول ما يؤكل لحمه وعذرته كلها نجسة عند الحنفية والشافعية جعل رجيع الدجاج مثل البول، مثل بول الحمار، ومعروف أن ما يؤكل لحمه الراجح أن رجيعه طاهر، كما هو معلوم في قصة العرانين أمرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يشربوا من ألبانها وأبوالها، التحديد بالدرهم وقياسه على موضع النجاسة، موضع الخارج حقيقة قياس مع الفارق، هذا جاء به النص، وذاك لم يرد به نص، وأيضاً جعل النجاسات كلها على مستوى واحد وكلها يعفى عن يسيرها بقدر الدرهم هذا أيضاً لا يدل عليه دليل، بل المعروف عند الشافعية والحنابلة وجمهور أهل العلم التشديد في أمر البول، وحديث صاحبي القبرين وأنهما يعذبان وما يعذبان بكبير كان أحدهما لا يستبرئ أو لا يستنزه من بوله، جعل أهل العلم يحتاطون للبول؛ لأنه سبب لعذاب القبر، يحتاطون للبول حتى أن المعروف عند الحنابلة وبعض الشافعية أن البول لا يعفى عن يسيره حتى ما لا يدركه الطرف، كرؤوس الإبر لا يعفون عنه، لا يعفى عن مثل هذا، وحديث الاستبراء والاستنزاه من البول جعل البول أمره شديد، قال: "ولم يوجب بعض أهل العلم من التابعين وغيرهم عليه الإعادة، وإن كان أكثر من قدر الدرهم" يعني مطلقاً، "ولم يوجب بعض أهل العلم من التابعين وغيرهم الإعادة، وإن أكثر من قدر الدرهم وبه يقول أحمد وإسحاق، يعني بالنسبة للدم قصة الصحابي الذي أصابه السهم وهو يصلي فاستمر في صلاته، عمر -رضي الله عنه- صلى وجرحه يثعب دماً، وقلنا في هذا ما تقدم من أن هذا حكمه حكم من حدثه دائم، فلا يقاس عليه غيره.