البعيدة إذا عورضت بما أقوى وأصرح منها لا يلتفت إليها، وإذا لم تعارض فيحتج بها لأنها كلام من لا يخفي عليه المفاهيم ولو بعدت، يعني كلام البشر العلماء يقررون أن لازم المذهب ليس بمذهب لماذا؟ لأن الإنسان قد يتكلم بكلام لا يحسب لمفهومه حساب، فلا يلزم به، بينما الذي تكلم بالآية وتكلم بالحديث الآية من الله -جل وعلا-، والحديث عما لا ينطق عن الهوى {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [(4) سورة النجم] فلا يقال: إنه غفل عن مثل هذا لا، لكن مع ذلك يكون هنا من باب التعارض والترجيح، فيقدم الأقوى ويقدم الأصلح، يقدم ما يساق الخبر من أجله، فالاستدلال بـ ((افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت)) على أن الحائض تقرأ القرآن هذا الكلام فيه ضعف؛ لأنه استدلال بالتبعية، بالدلالة التبعية لا بالأصلية، وهذه مسألة كبرى يحتاج إليها في جميع أبواب الدين، فينبغي أن تكون على ذكر من طالب العلم، يعني من استدل بهذا الحديث: ((إنما مثلكم ومثل من قبلكم من الأمم كمثل من استأجر أجيراً)) ... إلى أخره، قال: إن مدة الدنيا تنتهي سنة ألف وأربعمائة من الهجرة لماذا؟ قالوا: لأن وقت العصر الخمس وخمس السبعة الآلف التي هي عمر الدنيا ألف وأربعمائة، يعني هل نقول بثمل هذا؟ بمثل هذه الدلالة؟ مع أن النصوص القطعية في قيام الساعة من الكتاب والسنة لا تحصى، والله -جل وعلا- يقول: {أَكَادُ أُخْفِيهَا} [(15) سورة طه] يعني حتى من نفسي أكاد أخفيها، وإلا فعن غيري فهذا أمر مقطوع فيه لا يعلمها إلا هو، يعني هل هذه دلالة أصلية حينما يساق الحديث ثم يأتي من يقول: إن القيامة تقوم سنة ألف وأربعمائة أو من يقول: إن القيامة تقوم سنة ألف وأربعمائة وسبعة لماذا؟ لأن بغتة {لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً} [(187) سورة الأعراف] بغتة في حساب الجمل ألف وأربعمائة وسبعة، كل هذا لا يلتفت إليه، بل هو مردود بالنصوص الصحيحة الصريحة، مجموع ما جاء في الباب لا سيما في الجنب يعارض، مجموع ما جاء في الجنب يثبت، الحائض جاء في هذا الخبر وفيه كلام، ومن أهل العلم من أثبته؛ لأن إسماعيل بن عياش وإن ضعف في الحجازيين والعراقيين ليس معنى أنه فاقد للحفظ، فاقد للضبط، فاقد للتوثيق