عاشوا في غيرها، ولو نشوا ووجود في غيرها بناء على أن الأصل منها، أحرورية أنت؟! لأن الخوارج يرون أن الحائض تقضي الصلاة كالصوم، ولا شك أن الذي يشم من سؤاله موافقة المبتدعة يمكن أن يشد عليه في القول، وإن كانت المسألة مسألة دعوة حتى في جانب المبتدع فإن كان إغلاظ القول له أجدى وأنفع وأردع له ولغيره اتجه وإلا فالأصل اللين في الدعوة والرفق بالمدعو كما هي عادته وديدنه -عليه الصلاة والسلام-، "فقالت: أحرورية أنت؟! " وفي بعض الروايات: "قالت: لا" لكني أسأل سؤالاً مجرداً من أجل العلم والفقه في هذه المسألة، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما جاءه من يستأذنه في الزنا رفق به -عليه الصلاة والسلام-، فقال: ((أترضى أن يزنى بأمك؟ )) قال: لا، ((بأختك؟ )) قال: لا ((ببنتك؟ )) قال: لا، لكن مثل ما ذكرنا أن المسألة مسألة علاج لهذا السائل ولهذا المدعو، وأمرنا أن ننزل الناس منازلهم، فإذا فهمنا أن هذا متعنت لا شك أنه يعامل معاملة تختلف عما إذا كان متعلماً مستفهماً، فلكل مقام مقال، ثم قالت عائشة: "قد كانت إحدانا تحيض" يعني في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- "فلا تأمر بقضاء" أي لا يأمرها النبي -عليه الصلاة والسلام- بقضاء، وفي رواية مسلم: "فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة" لا نؤمر بقضاء الصلاة؛ لأن الصلاة كما قال أهل العلم تتكرر فيشق قضاؤها، وأما بالنسبة للصوم فإنه لا يتكرر فلا يشق قضاؤه، هذا ما ذكره أهل العلم، والأصل في هذا كله ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام-، وليس لأحد كلام ولا نزاع في أن يقول: لماذا هذا يقضى وهذا لا يقضى؟ وإن كنا نسمع ونقرأ بعض من ينبش عن هذه الأمور، ويرى أن الشرع جاء بالتفريق بين المتماثلات والجمع بين المختلفات على حد زعمهم، ونبتت نابتة من يستعملون العقول ويحكمونها في النصوص، هؤلاء لا يلتفت إليهم، هؤلاء قوم مفتونون، لا يلتفت إليهم وإلا فالأصل أن قدم الإسلام لا تثبت إلا على قنطرة التسليم، إذا صح الخبر عن الله وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام-، لا مجال للكلام، سمعنا واطعنا، وأما الذين يتبعون المتشابه من أهل الزيغ، ويرون أن هذه المسألة نظيرها كذا وهذه أبيحت وهذه منعت، هذا لا شك