قال: "حدثنا علي بن حجر قال: حدثنا شريك" بن عبد الله القاضي "عن أبي الجحاف" داود بن أبي عوف، كما ذكر الترمذي، وهو صدوق "عن عكرمة عن ابن عباس قال: "إنما الماء من الماء في الاحتلام" إنما الماء من الماء في الاحتلام، يعني لا في الجماع، ولا شك أنه إذا احتلم ولم ينزل فإنه لا غسل عليه، لحديث أم سلمة قالت: "هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ " قال: ((نعم إذا هي رأت الماء)) إذا رأت الماء، إذا رأت الماء يلزم الغسل، مفهومه أنها إذا لم تر الماء فإنه لا غسل عليها.
"قال أبو عيسى: سمعت الجارود" بن معاذ السلمي الترمذي ثقة "يقول: سمعت وكيعاً" الإمام ابن الجراح، "يقول: لم نجد هذا الحديث إلا عند شريك" ومعروف شريك أنه يخطأ، وقال الإمام مسلم في حديث الإسراء الذي رواه من طريقه فقال: إن شريكاً زاد فيه ونقص، وقدم وأخر، وأورد ابن القيم -رحمه الله- في زاد المعاد من أوهام شريك في الإسراء، وكذلك الحافظ ابن حجر ما يصل إلى العشرة، عشرة أوهام في حديث الإسراء "يقول: لم نجد هذا الحديث إلا عند شريك" أولاً: هذا الخبر موقوف على ابن عباس واجتهاد منه، الأمر الثاني: أنه سواء كان ثبت عن ابن عباس أو لم يثبت فالقول به من أجل التوفيق بين النصوص لا شك أنه وجه من وجوه رفع التعارض، ومسلك من المسالك التي يسلكها أهل العلم للتوفيق بين النصوص، وهو قول جيد في الجملة، يعني إذا أمكن الجمع فلا يعدل عنه إلى النسخ، ويمكن حمل حديث: ((الماء من الماء)) على الاحتلام، ولا يحتاج إلى أن نقول: إنه منسوخ؛ لأن النسخ يقتضي إلغاء الحديث، رفع الحكم بالكلية، والقول بأنه محمول على صورة خاصة وهو الاحتلام يبقي دلالة الحديث قائمة، وينفي التعارض بينه وبين الأحاديث الأخرى.
قال أبو عيسى: وأبو الجحاف اسمه: داود بن أبي عوف، ويروى عن سفيان الثوري أنه قال: حدثنا أبو الجحاف وكان مرضياً" مرضياً، سفيان الثوري يقول: حدثنا أبو الجحاف وكان مرضياً، وهذه من ألفاظ التعديل المتوسطة، يعني تدل على قبول خبره وإن لم يكن على درجة من التوثيق.