كتاب ما وليكن جامع الترمذي مثلاً الذي هو موضوع حديثنا إذا أراد مسألة يبحث حتى يقف على هذه المسألة، وكم من مسألة يقف عليها في طريقه وهو يبحث عن مسألته، يقف على كثير من المسائل التي هي بعضها أهم من مسألته التي يبحث عنها، لكن إذا أراد مسألة وضغط زر قول فلان في فلان ما يظهر غيره، ابن حبان في كتابه: (الأنواع والتقاسيم) صحيح ابن حبان ألفه على طريقة لا يمكن الكشف عن الحديث إلا بقراءة الكتاب، وهذا مقصد له، ولا أريد من أراد حديثاً أن يذهب إلى موضع ومظنته ويستخرجه حتى يقرأ الكتاب كاملاً، هذه طريقة يربى عليها طالب العلم، ولذا ننصح طلاب العلم ألا يرجعوا إلى الفهارس، ولا إلى المختصرات ولا إلى الآلات، اللهم إلا إذا ضاق عليه الوقت واحتاج حاجة ملحة لشيء بيّن أو معين احتاج إلى .. ، إذا ضاق عليه الوقت، خطيب بقي له من الوقت خمس دقائق، وعنده حديث لا يعرف درجته ولبحثه يحتاج إلى ساعة، نقول: استفد من الآلة، خذ الحكم وأنت ماشي، لكن إذا رجعت ارجع إلى الكتب، لكي يغرس غرس النخل هذا العلم في قلبك فلا تنساه؛ لأن ما أخذ بسهولة يفقد بسهولة، ما أخذ بسهولة يفقد بلا شك، والذي يمر مرور مثل هذا مسح، هذا ما يفيد، وإلا وأنت في سيارتك وفي طريقك من مسجدك إلى منزلك أو إلى عملك تنظر في الشوارع تجد ألوف من الإعلانات، واللوحات واللافتات وغيرها، لكن كم يثبت في ذهنك منها؟ وفرق بين من يمشي على السيارة هذا مثل الآلة الحاسبة هذا، والذي يمشي بعد على رجليه يحفظ أكثر، مثل الذي يقرأ في كتاب نعم، بينما الذي كتب هذه اللوحات وعلقها حفظها كلها، ليس الهدف من هذا أننا نعنى بمثل هذه اللوحات، لا هذه على حساب غيرها، لكن نعنى بهذا العلم الذي نحن بصدد طلبه، والتشرف بحمله، فلا بد من المعاناة، لا بد من التعب على العلم، التيسير والتسهيل لا يزيد في تحصيل إلا البعد، وثقل المعاناة، الذي عنده آلة تعود عليها لا يمكن أن يرجع إلى كتاب إلا بمعالجة ومجاهدة جديدة لنفسه، مما يعين طالب العلم على التحصيل بالمعاناة التي ذكرناها أن يجمع العلم، وأحياناً قد يحتاج إلى تفريق، وأحياناً يحتاج إلى شرح، إذا كان الكتاب متن، وأحياناً يحتاج إلى اختصار، قد