أما القراءة والدارسة الجماعية لا شك أنها نافعة، وهي أنفع من القراءة المفردة للجادين، إذا كانوا على مستوى واحد أو متقارب في الفهم والحفظ والجد نافعة لهم، لأن كل واحد يعين الآخر، أما إذا تفاوتوا في الجد والهزل وفي الحفظ والضعف مثل هذا يكون بعضهم عالة على بعض على حساب بعض، ويعوق بعضهم بعضاً، فمثل هذا الجاد ينفرد بنفسه، ولا يكون مع الهازل، ومن قويت حافظته ينفرد ولا يكون مع الضعيف؛ لأنه يثبطه عن المقدار الذي يريد حفظه، هذا من حيث الجمع والاجتماع على الدروس، ولا مانع من أن يجتمع خمسة، ستة، عشرة في مستوى واحد مما ذكرنا، يجتمعون على دراسة كتاب ومدارسته والنظر في مسائله، والرجوع إلى الشروح، وتداول الآراء فيما بينهم؛ هذا يعين بعضهم بعضاً، وهذا في المذاكرة أنفع، يعني بعد الفراغ من الدرس، التحضير للدرس بالإنفراد، حفظه ومراجعة الشروح والحواشي، حضور الدرس والتعليق على الكتاب يكون هذا الطالب بمفرده، لكن في حال المذاكرة بعد الفراغ من الدرس تنفع المذاكرة الجماعية.
أما كيف ندرس الفقه؟ ذكرنا طريقة وهي أن يجعل محور الدراسة كتاب معين، ولكن مثلاً الزاد، زاد المستقنع لكثرة مسائله، كتاب مضغوط على صغر حجمه ولا يوجد في ما يقاربه في كثرة المسائل، هذا الكتاب يكون محور للدراسة، تأخذ مسائله مسألة مسألة وينظر فيها، وتتصور التصور الدقيق الصحيح، وتراجع عليها الشروح، ثم يستدل لهذه المسائل، كل مسألة تقرن بدليلها وتعليلها، من مراجعة الشروح والحواشي والكتب الأخرى، الكتب الأخرى بشروحها، ثم بعد ذلك ينظر من وافق المؤلف على هذا الحكم الذي ذكره بعد تصور الدليل، تصور المسألة، ثم ينظر من خالف، ودليل المخالف، فإذا تأهل الطالب لهذا صارت لديه أهلية الموازنة والترجيح بين الأقوال، ثم رجح القول المعتبر واستعان بترجيح أهل التحقيق من أهل العلم، ما ينتهي الكتاب إلا وعنده رصيد كافي من الفقه -إن شاء الله تعالى-، ويتأهل بذلك للفتوى وللقضاء وللتعليم وغيرها.
ما الذي صح من السنن قبل صلاة العصر؟
حديث: ((من صلى أربعاً قبل العصر)) هذا لا بأس به -إن شاء الله تعالى-.