آخر، هذا لا يمكن الجزم بقاعدة مطردة أن كل ما جاء من هذا النوع حديث واحد أو أحاديث، بل لا بد من قرائن تحتف بذلك، وهنا الأئمة كلهم جعلوه حديثاً واحداً، وضعفوا هذا اللفظ؛ لأن حديث المسح على الخفين أرجح، فحكموا للراجح بأنه هو المحفوظ، والمرجوح بأنه شاذ.
أحمد شاكر قال: ليس الأمر كما قال هؤلاء الأئمة والصواب صنيع الترمذي في تصحيح هذا الحديث، وهو حديث آخر غير حديث المسح على الخفين، وقد روى الناس عن المغيرة أحاديث المسح في الوضوء، فمنهم من روى المسح على الخفين، ومنهم من روى المسح على العمامة، ومنهم من روى المسح على الجوربين، وليس شيء منها بمخالف للآخر، إذ هي أحاديث متعددة، وروايات عن حوادث مختلفة، نعم إذا أثبتنا أنها حوادث مختلفة لا شك أنها تكون أحاديث، ولو كان الصحابي واحد، والمغيرة صحب النبي -عليه الصلاة والسلام- نحو خمس سنين، فمن المعقول أن يشهد من النبي -عليه الصلاة والسلام- وقائع متعددة في وضوئه ويحكيها، فيسمع بعض الرواة منها شيئاً، ويسمع غيره شيء آخر، وهذا واضح بديهي.
على كل حال مثل هذا الكلام للشيخ أحمد شاكر هو لا شك من علمه ومعرفته وخبرته واطلاعه على خفايا العلل ودقائقها، لكن قوله لا يقابل أو يقارن بأقوال الأئمة السابقين.
قال: "وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-" قال أبو داود: ومسح على الجوربين علي بن أبي طالب وابن مسعود والبراء بن عازب وأنس بن مالك وأبو أمامة وسهل بن سعد عمرو بن حريث، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وابن عباس، وقال ابن المنذر: يروى المسح على الجوربين عن تسعة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأوصلهم ابن القيم إلى ثلاثة عشر صحابياً.
يعني المسح على الجوربين معوله على الحديث، وقد ضعفه من سمعتم من أهل العلم، أو المعول على صنيع هؤلاء الصحابة مجتمعين، وأنهم لا يمكن أن يعملوا؟ علي بن أبي طالب، ابن مسعود، البراء، أنس، أبو أمامة، سهل بن سعد، عمرو بن حريث، عمر بن الخطاب، ابن عباس، هؤلاء تسعة، قال ابن المنذر: يروى المسح على الجوربين عن تسعة من الصحابة، وأوصلهم ابن القيم إلى ثلاثة عشر صحابياً.