قال: "وقد روي عن إبراهيم التيمي عن عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قبلها ولم يتوضأ" قلنا: إن اللمس له حقيقة شرعية وحقيقة لغوية، الحقيقة اللغوية اأنه مجرد المس، له حقيقة وله مجاز يعني استعمل أصل اللفظ في مجرد اللمس، واستعمل في مجازه في غير ما وضع له في الجماع كناية عن الجماع، وقلنا: أن الأصل الحقيقة وهو الذي دعانا إلى الكلام في الغائط، قلنا: إن الأصل الحقيقة إلا إذا كان استعمال اللفظ في مجازه أكثر وغلب عليه أكثر من غلبته على حقيقته فحينئذٍ يحمل عليه.
وفي تفسير الطبري أنه اختلف جماعة من العرب وجماعة من الموالي في {لاَمَسْتُمُ} [(43) سورة النساء] فالموالي يقولون: الملامسة هي اللمس، وجمع من العرب قالوا: المراد به الجماع، فابن عباس حكم بينهم وقال: المراد به الجماع، وهذا تفسير من حبر الأمة وترجمان القرآن، دعي له بأن يعلم التأويل، فقوله أرجح من غيره.
وعلى هذا يحمل اللمس والملامسة على القراءتين على أنه يراد به الجماع، ويؤيده أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل ولم يتوضأ.
قال: "وقد روي عن إبراهيم التيمي عن عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قبلها ولم يتوضأ" وهذا أخرجه أبو داود والنسائي "وهذا لا يصح أيضاً، ولا نعرف لإبراهيم التيمي سماعاً من عائشة" أو أن حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عائشة في حديث الباب، وإبراهيم التيمي أيضاً لم يسمع من عائشة في هذا الحديث فكلاهما مرسل أو منقطع إن شئت فقل، الإشكال أن موضع الانقطاع في طبقة واحدة، في من يروي عن عائشة، وإلا لو كان الراوي عن عائشة مبين في هذا الحديث قلنا: إن ما ضعف بسبب الانقطاع يمكن انجباره، لكنه مع ذلك في طبقة واحدة، يعني مداره على هذا المجهول، قال: "وهذا لا يصح أيضاً، ولا نعرف لإبراهيم التيمي سماعاً من عائشة" قاله الدارقطني في سننه وغيره "وليس يصح عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في هذا الباب شيء" أي في باب ترك الوضوء من القبلة.
الخلاصة أن الحنفية قالوا: لا ينقض مطلقاً، وحملوا الملامسة في الآية على الجماع، واستدلوا بحديث الباب وما في معناه.