وأيضاً الأمر بالوضوء من لحم الإبل منطوق، ومعارضه من عموم حديث: "كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار" مفهوم، والمفهوم لا يعارض المنطوق، وبهذا يترجح القول بأن أكل لحم الإبل ناقض، لكن لو كان الشخص ممن لا يرى النقض من أتباع مالك أو الشافعي أو أبي حنيفة، وصار إماماً ويأكل لحم الإبل ويؤم الناس فهل يقتدي به من يرى النقض؟ نعم يقتدي به؛ لأنه يقتدي بأئمة تبرأ الذمة بتقليدهم، ولهم مستند ولهم معتمد فقولهم له حظ من النظر وإن كان مرجوحاً، ففي مثل هذا تصح إمامته، ويصلي خلفه من يرى النقض بلحم الإبل، ولا شك أن المسائل مختلفة، يعني من يعمل بحكم لا دليل له عليه هذا ما يصلي خلفه من يرى الحكم بمقتضى الدليل، ولذا في رسالة الشيخ عبد الله بن الشيخ الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب إلى أهل مكة يقول: ونصلي خلف الشافعي الذي يجهر بالبسملة، ولا نصلي خلف الحنفي الذي لا يرى الطمأنينة، لكن لو اطمأن الحنفي صلينا وراءه، لكن حنفي ولا يرى الطمأنينة ركن فينقر الصلاة هذا ما نصلي وراءه؛ لأن الطمأنينة عندنا ركن، ودلالة الحديث -حديث المسيء- عليها واضحة وظاهرة، لكن الدلالة على الجهر بالبسملة أو عدم الجهر فيها أدلة لكل من الفريقين، وإن كان الأرجح عدم الجهر بالبسملة، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.