يقول الحازمي في (الاعتبار في معرفة الناسخ والمنسوخ من الآثار) وهذا كتاب من أفضل كتب الناسخ والمنسوخ بالنسبة للسنة، يعني طالب العلم لزاماً عليه أن يقرأ هذا الكتاب؛ لأن معرفة الناسخ والمنسوخ من أهم الأمور لطالب العلم، فقد يعمل بحديث منسوخ والعبرة بالمتأخر، ولذا وقف علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- على قاص فقال له: "أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال: لا، قال: هلكت وأهلكت"؛ لأن النسخ معروف في النصوص {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا} [(106) سورة البقرة] فالنسخ ثابت بإجماع من يعتد بقوله من أهل العلم، ولا عبرة بمن ينفيه كاليهود ويزعمون أنه يدل على البداء، كما يقولون، يعني بدا لله -ظهر له-، ويقول به أيضاً الرافضة وأبو مسلم الأصفهاني، ومن المعاصرين من كتب في التفسير تفسير القرآن للقرآن اسمه: عبد الكريم الخطيب، قال من عناوين الجزء الأول من تفسيره: النسخ ولا نسخ في القرآن، ولا شك أن هذا مخالفة لما اتفق عليه سلف هذه الأمة وأئمتها.
قولهم: إنه يدل على البداء وأن الله -جل وعلا- بدا له أي ظهر له أمراً كان خافياً عليه، الله -جل وعلا- يعلم السر وأخفى، يعلم ما كان وما يكون، وإنما النسخ من أجل مصلحة المكلف فقد يكون الحكم في هذا الوقت أنفع له، ثم تغييره في وقت آخر أنفع له، وفيه أيضاً امتحان واختبار وابتلاء للمكلفين إذا نقلوا من حال إلى حال ينظر كيف امتثالهم للأوامر والنواهي، في حديث الثلاثة في الصحيح الثلاثة: الأقرع والأعمى والأبرص ((ثم بدا لله أن يختبرهم)) واللفظة ثابتة في الصحيح، وهذه اللفظة تفسر بما جاء في الصحيح أيضاً ((ثم أراد الله أن يختبرهم)) فقوله: بدا يفسر بـ (أراد) كما في الرواية الأخرى الصحيحة.