هذا الحديث: ((من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه)) معناه أن من اتصف بالتقوى كفرت ذنوبه، اتصف بالتقوى، من تمام التقوى التوبة من الذنوب، وفي هذا المعنى قول الله -جل وعلا-: {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} [(203) سورة البقرة] بهذا الشرط، فكونه يرجع كيوم ولدته أمه من لازمه أن يتقي الله -جل وعلا- كما في الآية، والآية يفهمها كثير ممن يقرأها على غير معناها الصحيح {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} [(203) سورة البقرة] فلمن اتقى يشمل المتعجل والمتأخر، فمن اتقى لا إثم عليه سواءً كان متعجلاً أو متأخراً، يعني يرتفع عنه الإثم، فيرجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه بهذا القيد {لِمَنِ اتَّقَى} المنصوص عليه في الآية، فإذا قرنا الحديث ومعناه هو معنى الآية قلنا: إن هذا خاص بمن اتقى، فمن اتقى الله -جل وعلا- لم يرتكب كبيرة، وإن كان قد ارتكبها سابقاً فيوفق للتوبة منها، هذا إذا تحققت فيه التقوى، ولا يتم التكفير إلا لمن اتقى، فلا إثم عليه، لا يرتفع إثمه إلا إذا تحقق فيه الشرط وهو التقوى.
بعض الناس يفهم أن {لِمَنِ اتَّقَى} خاص بمن تأخر، وأن التأخر أقرب للتقوى هذا الكلام ليس بصحيح، إنما يعود للأمرين جميعاً، من تعجل فلا إثم عليه، يعني يرتفع عنه إثمه، فيكون الحج كفارة لذنوبه، شريطة أن يتقي الله -جل وعلا-، ومن تأخر فلا إثم عليه يرتفع عنه الإثم الذي ارتكبه سابقاً شريطة أن يكون قد اتقى الله -جل وعلا-، فلا بد من أن تؤخذ النصوص متكاملة، علماً بأن الذي لا يتقي الله -جل وعلا- لن يوفق من ترك الرفث والفسوق، الذي لا يتقي الله -جل وعلا- فإنه لن يوفق، والتجربة شاهدة بذلك، كثير من الناس يقول: الحج الآن أربعة أيام، أحج بمفردي ولا أختلط بأحد، ولا أتكلم بكلام لا يرضي الله -جل وعلا-، وأستغل هذا الوقت للعبادة المحضة بحيث لا يفوتني من الوقت شيء، نقول: إذا كان عمرك كله مشغول بالقيل والقال لن توفق لمثل هذا.