((وما يعذبان في كبير، أما هذا فكان لا يستتر من بوله)) يعني لا يجعل بينه وبين بوله سترة، فلا يتحفظ منه ولا يحتاط لنفسه، ما يحتاط في الاستنجاء والاستجمار، قد يترك يستنجي استنجاء غير مجزئ، أو يستجمر استجمار غير كافي، أو يتساهل فيقول: إنه يستنجي عندما يجد الماء، والآن ليس عنده ماء، ثم بعد ذلك يتلوث بدنه وثوبه، هذا لا يستتر ولا يجعل بينه وبين بدنه سترة، وفي رواية: ((لا يستبرئ)) يعني لا يبرئ ذمته من مباشرة البول، وفي بعضها: ((لا يستنزه)) لا يطلب النزاهة والنظافة من هذا البول، وفي بعض الروايات لا سيما المستخرج ((لا يتوقى)) وكلها دلالاتها واضحة وواحدة، على أنه يتساهل ويتهاون في أمر البول، يتهاون في أمر البول.
أما هذا يشير إليه ((فكان لا يستتر من بوله، وأما هذا فكان يمشي بالنميمة)) وهي نقل كلام الغير بقصد الإضرار به، وقصد الإفساد، نقل كلام الغير، وهذا أمر خطير، وجاء أنه لا يدخل الجنة نمام وقتات، هذا أمره جد خطير، ويتساهل كثير من الناس في هذا الأمر، وتجد بعض الناس يسمع كلمة من عالم أو من فاضل أو من متدين أو من غير متدين ثم مباشرة ينقلها إلى غيره بقصد الإضرار، وبعض الناس يكتب في بعض -نسأل الله السلامة والعافية-، هذه عين النميمة التي جاءت في هذا الحديث وغيره، فالإضرار محرم، والنميمة من عظائم الأمور، ويعظم أمرها إذا زاد الأثر المترتب عليه، يعني كم من شخص ظلم بسبب كتابة مغرضة خاطئة، فهذا أمره عظيم، بعض الناس يسجن سنين من أجل كلام ليس بصحيح، فهذا من أعظم أنواع النميمة -نسأل الله السلامة والعافية-، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كما في الحديث الصحيح قال: ((لا تنقلوا لي شيئاً عن أصحابي)) هذا الأصل أن الناس يعيشون مع بعضهم مع سلامة صدر، أما إذا تكلم بكلمة نقلها الثاني، نقلها الثالث وفسرها واحد على مراده، وثالث فسرها على غير مراده مشكلة، الناس يصير بعضهم أعداء لبعض وتنتشر البغضاء والفحشاء، التباغض والتناحر والتدابر كله بسبب هذا -نسأل الله السلامة والعافية-، فلا يجوز أن يحمل الكلام على غير ظاهره، ولا يحمل على محمل سيئ، وهو يوجد له محمل طيب.